للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أبواب الخير، وإلا لو كانوا خيرا من بعض الوجوه، فلا يكونون خير القرون مطلقا، فلو جاز أن يخطئ الرجل منهم في حكم وسائرهم لم يفتوا بالصواب - وإنما ظفر بالصواب من بعدهم وأخطأواهم - لزم أن يكون ذلك القرن خيرا منهم من ذلك الوجه؛ لأن القرن المشتمل على الصواب خير من القرن المشتمل على الخطأ في ذلك الفن، ثم هذا يتعدد في مسائل عديدة

ومعلوم أن فضيلة العلم ومعرفة الصواب أكمل الفضائل وأشرفها (١).

٤ - ومنها: حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تسبّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» (٢) وهذا خطاب منه لخالد بن الوليد ولأقرانه من مسلمة الحديبية والفتح، فإذا كان مدّ أحد أصحابه أو نصيفه أفضل عند الله من مثل أحد ذهبا من مثل خالد وأضرابه من أصحابه فكيف يجوز أن يحرمهم الله الصواب في الفتاوى -[وفي تفسير وفهم كتاب الله]- ويظفر به من بعدهم؟ هذا من أبين المحال (٣).

وأدلة هذه القاعدة كثيرة جدا (٤)، أكتفي بما ذكرت منها طلبا للاختصار.

***

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

النقول عن الأئمة في ذلك كثيرة جدا، وتعظيم شأن الصحابة وسلف هذه الأمة في فهمهم لكتاب الله مشتهر، فمن أقوال هؤلاء الأئمة:

١ - قول عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - للخوارج حين ناظرهم: جئتكم من


(١) إعلام الموقعين (٤/ ١٣٦).
(٢) متفق عليه، البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لو كنت متخذا خليلا». انظر الصحيح مع الفتح (٧/ ٢٥). ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم (٢٢٢).
(٣) إعلام الموقعين (٤/ ١٣٨) وما بين المعقوفين ليس من كلام ابن القيم.
(٤) انظر جملة منها في إعلام الموقعين (٤/ ١٢٣ - ١٥٦)، ومختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٤٦٣ - ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>