للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكاد يكون مجمعا عليه وذلك أن العلماء الذين قالوا بغيره أدخلوه معه (١)، واقتصر عليه آخرون فلم يذكروا غيره (٢).

وإنّ إطلاق لفظ‍ «في سبيل الله» على الغزو والجهاد كان شائعا في الاستعمال عند نزول القرآن، فكان عرفا.

قال الحافظ‍ ابن حجر في الفتح: قال ابن الجوزي (٣): إذا أطلق ذكر سبيل الله فالمراد به الجهاد … وقال ابن دقيق العيد (٤): «في سبيل الله» العرف الأكثر فيه استعماله في الجهاد … اه‍ (٥).

فكان هذا القول أولى الأقوال بتفسير الآية تقديما للعرف المقارن للخطاب على العرف المتأخر عنه، وعلى الاستعمال اللغوي.

فإطلاق في «سبيل الله» على كل طاعة قصد بها وجه الله، والحكم بإرادة ذلك في الآية غير صحيح يأباه سياق الآية وفحواها؛ لأنها في سياق حصر الأصناف التي تصرف لهم الزكاة، فإن جعل صنف «في سبيل الله» في طاعة الله ووجوه الخير، لا يكون لذلك الحصر كبير فائدة؛ لأنه يدخل فيه كل ما ذكر في الآية دون تقييد بغنى أو فقر، وفعل الطاعة ووجوه الخير لا تحصر لا في الأغنياء ولا في الفقراء.

وأما القول إن المراد طلبة العلم، فالكلام على ذلك من وجهين:


(١) انظر تفسير المنار (١٠/ ٤٩٩).
(٢) منهم الإمام الطبري في جامع البيان (١٠/ ١٦٥).
(٣) هو: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي الحنبلي، صاحب التصانيف، حامل لواء الوعظ‍، وعلاّمة السير والتاريخ، وبحر التفسير، غير أنه ممن خاض في التأويل توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة، سير أعلام النبلاء (٢١/ ٢٦٥).
(٤) هو: محمد بن علي بن وهب القشيري، أبو الفتح، تتلمذ على العز بن عبد السلام، وولى قضاء مصر ثماني سنين، برع في علوم كثيرة، وله مصنفات كثيرة، توفي سنة اثنتين وسبعمائه، الدرر الكامنة (٤/ ٢١٠)، وشذرات الذهب (٦/ ٥).
(٥) فتح الباري (٦/ ٥٦)، وإحكام الأحكام لابن دقيق (٢/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>