للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن يكون طلبة العلم داخلين في عموم القول السابق الذي أجيب عنه.

الآخر: أن يكون عرفا للفظ‍ «سبيل الله» فإن كان هذا عرفا، فهو طارئ بعد نزول القرآن، وليس مقارنا له، فلا يجوز حمل الآية عليه - كما سبق في شروط‍ اعتبار العرف - والترجيح به، «وإن النص التشريعي يظل محمولا على معناه العرفي الأول عند صدوره، ومعمولا به في حدود ذلك المعنى؛ لأنه هو مراد الشارع، ولا عبرة للمعاني العرفية أو الاصطلاحية الحادثة بعد ورود النص» (١).

وأما القول إن المراد الحجيج، فإنه وإن ورد في الحديث «الحج والعمرة من سبيل الله» (٢) فلا تظهر إرادته في هذه الآية - والله أعلم - وذلك؛ لأنه قال: «من سبيل الله» على عموم ذلك المعنى، وقد سبق الجواب عنه.

وجاء هذا مقترنا بالحج والعمرة مبينا لهما؛ لكن الكلام على إطلاق لفظ‍ «في سبيل الله» دون أن يقيّد بعمل معين.

قال أبو بكر ابن العربي: والذي يصح عندي من قولهما -[يعني أحمد وإسحاق]- أن الحج من جملة السّبّل مع الغزو؛ لأنه طريق برّ، فأعطي منه باسم السبيل، وهذا يحل عقد الباب، ويخرم قانون الشريعة، وينثر سلك النظر، وما جاء قط‍ بإعطاء الزكاة في الحج أثر اهـ‍ (٣).


(١) المدخل الفقهي العام (٢/ ٨٧٨).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٤٠٥ - ٤٠٦)، والحاكم في المستدرك (١/ ٤٨٢) وقال: صحيح على شرط‍ مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني بدون لفظ‍ «العمرة» في الإرواء حديث رقم (٨٦٩).
(٣) أحكام القرآن (٢/ ٥٣٣).
* ومن نظائر هذا المثال:
- ما جاء في تفسير قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران: ٥٥]، انظر أضواء البيان (٧/ ٢٦٨) وما بعدها.
- ومنها ما جاء في تفسير قوله تعالى: وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ [الأحزاب: ٤]، انظر أضواء البيان (٦/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>