للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة]

إذا أمكن عود الضمير على كل من المضاف والمضاف إليه على انفراده، ولم يتعين أحدهما بقرينة في السياق فإلى أيهما يرجع؟ قولان مشهوران للعلماء:

أحدهما: قول ابن حزم (١)، والماوردي ومن وافقهما إنه يعود على المضاف إليه؛ لأنه أقرب مذكور. قالوا ذلك في قوله تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}

[الأنعام: ١٤٥] فأعادوا الضمير إلى الخنزير.

قال ابن حزم: وأما الخنزير فإن الله تعالى قال: {أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً} والضمير في لغة العرب التي نزل بها القرآن راجع إلى أقرب مذكور إليه.

اه‍ (٢).

والآخر: قول الجمهور ورجحه أبو حيان والزركشي وغيرهما إنه يعود على المضاف؛ لأنه المحدث عنه (٣).

فإن قال قائل وما الجديد في هذه المسألة؟ ألم تقرر في مبحث تنازع القواعد أنه إذا تنازعت قاعدة إعادة الضمير إلى أقرب مذكور وقاعدة إعادة الضمير إلى المحدث عنه، قدمت قاعدة المحدث عنه؟

فالجواب: أن هذا ما لم يكن في هذه المسألة، فأما هذه المسألة فلها نظر خاص، وذلك؛ لأنه ليس مطردا رجوع الضمير إلى المضاف، ولا إلى المضاف إليه. كما أنه ليس مطردا أن يعود الضمير إلى أقرب مذكور (٤)، ولا أن يكون الإخبار والحديث


(١) هو: علي بن أحمد بن حزم الظاهري، أبو محمد، الفقيه الحافظ‍ المتكلم الأديب الوزير عالم الأندلس في عصره، صاحب التصانيف المشهورة، توفي سنة ست وخمسين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء (١٨/ ١٨٤).
(٢) المحلى (٧/ ٣٩٠).
(٣) انظر البحر المحيط‍ لأبي حيان (٤/ ٦٧٤)، والبحر المحيط‍ للزركشي (٣/ ٣٢٥)، والبرهان له (٤/ ٣٩)، والكوكب الدري ص ٢٠٢، وروح المعاني (٨/ ٤٤).
(٤) يأتي في قاعدة «الأصل إعادة الضمير إلى أقرب مذكور .. » بيان الأدلة التي تصرف الضمير عن -

<<  <  ج: ص:  >  >>