للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد حذفت؛ لأنه لا دلالة من ألفاظ‍ الآية وسياقها يدل على الحذف، وليس مسلّما أن ذكرها في موضع يكفي دليلا على الحذف في موضع آخر، بل النصوص جميعا مستقلة ولا حذف ولا إضمار فيها إلا بدليل خلافا لابن قتيبة وغيره (١).

ولهذه المسألة بحث في المطلق والمقيد، وفي حمل المطلق على المقيد نزاع بين العلماء.

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

- ومنها ما جاء في تفسير قوله تعالى: {يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ} [النساء: ١٧١].

سبق في تقرير هذه القاعدة، أنه يرجح بها إذا قام الدليل على الإضمار، وفي هذه الآية توجد قرينة تدل على الإضمار وهي رفع «ثلاثة» بعد القول ولا رافع لها مذكور، فدل هذا على وجود مضمر.

قال الإمام الطبري: ورفعت الثلاثة بمحذوف دلّ عليه الظاهر وهو «هم»، ومعنى الكلام ولا تقولوا هم ثلاثة، وإنما جاز ذلك؛ لأن القول حكاية، والعرب تفعل ذلك في الحكاية، وكل ما ورد من مرفوع بعد القول لا رافع معه ففيه إضمار اسم رافع لذلك الاسم اهـ‍ (٢).

إذا تقرر صحة الإضمار، فأولى التقديرات لهذا المضمر ما ظهر في القرآن في موضع آخر، كما تقرر هذه القاعدة.


(١) انظر تأويل مختلف الحديث ص ٢٤٥ - ٢٤٦، ذكر فيه أن القرآن يأتي بالصفة في موضع، ولا يأتي بها في موضع آخر، فيستدل على حذفها من أحد المكانين بظهورها في المكان الآخر، وضرب لذلك أمثلة بما أطلق في آية وقيّد في آية أخرى كالإيمان في عتق الرقبة في الكفارة، والعدالة في الشهود. وانظر البرهان في علوم القرآن (٣/ ٢١٦).
(٢) جامع البيان (٦/ ٣٧) وهذه مضمون عبارة الفراء في المعاني (١/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>