للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الرابع: أن هذا القول الذي قالوه لم يقله أحد من علماء السلف أهل التفسير، ولا من أهل اللغة، بل هو من التفسيرات المبتدعة في الإسلام … ومن المعلوم بالضرورة من لغة العرب أنهم لا يسمون كل مخلوق موجود آفلا، ولا كل موجود بغيره آفلا، ولا كل موجود يجب وجوده بغيره لا بنفسه آفلا، ولا ما كان من هذه المعاني التي يعنيها هؤلاء بلفظ‍ الإمكان، بل هذا أعظم افتراء على القرآن واللغة من تسمية كل متحرك آفلا، ولو كان الخليل أراد بقوله: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ}

(٧٦) هذا المعنى، لم ينتظر مغيب الكوكب والشمس والقمر اهـ‍ (١).

وقال العلامة ابن القيم: ولا يعرف في اللغة التي نزل بها القرآن أن الأفول هو الحركة البتة في موضع واحد اهـ‍ (٢).

[ثانيا التفسير الباطني]

هذه القاعدة ترد كل تأويلات الباطنية، وإشارات الصوفية، فكل ذلك تفسير بما لا تعرف العرب من لسانها، فضلا عن أن يكون مستعملا على سبيل القلّة أو الندرة، فإذا كان يجب حمل القرآن على الأكثر استعمالا، والابتعاد به عن الأقل والنادر والشاذ ونحوها، فما بالك بما لا يعرف من لغتها وقت التنزيل مطلقا؟! فردّه بهذه القاعدة أولى وأحرى - كما سبق ذلك في بيان ألفاظ‍ القاعدة.

وقد سبق في بعض القواعد ذكر أمثلة لتفاسير الباطنية، فلا أطنب هنا بذكر أمثلة كثيرة، فمنهج القوم واحد، وأكتفي من ذلك بمثالين من تفسير القرآن العظيم لسهل التستري مع ذكر ردّ الإمام الشاطبي لهما بما تقتضيه هذه القاعدة.


(١) درء تعارض العقل والنقل (١/ ٣١٤ - ٣١٥).
(٢) الصواعق المرسلة (١/ ١٩٠).
* ومن نظائر هذا المثال: تأويل الأحد: في قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) بأنه الذي لا يتميز منه شيء عن شيء ومنه تأويل: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: ٥٤] بأن المعنى: أقبل على خلق العرش، انظر الصواعق المرسلة (١/ ١٩٠ - ١٩١)، ومختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٣٢٠) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>