للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي التمثيل لما صح فيه صرف اللفظ‍ عن ظاهره بدلالة القرآن أو السنة تحت بحث ما استثني من القاعدة.

أما ما أحدثه المتأخرون من صرف ألفاظ‍ القرآن والسنة عن ظواهرها، وتأويلها دون دليل من القرآن أو السنة وإنما فعلوا ذلك كي توافق مذاهبهم التي اعتقدوها وأسسوها على ما أملته عليهم عقولهم، فمثل هذا ردّ على أصحابه، وسيأتي أمثلة لذلك والردّ عليها بهذه القاعدة العظيمة - إن شاء الله -.

***

* أدلة القاعدة:

١ - منها: خبر الله - تعالى - في كتابه أن هذا القرآن عربي لا عوج فيه، وأنه فصّل آياته، قال تعالى: {كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (٣) [فصلت: ٣] وقال تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها} [الشورى: ٧] ونحوها من الآيات التي أخبرت عن تفصيل آياته، وعن كونه بلسان عربي مبين، وتفصيل الآيات، وإنزاله عربيا يقتضى لزاما أن تكون معانيه جارية على ظاهر دلالة ألفاظه التي تدل عليها عربته، ولا يحاد به عن ظاهر ألفاظه العربية، وإلا كان منافيا لتفصيله وكمال عربته التي أخبر الله بها عنه.

٢ - ومنها قول الله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ‍ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (٦) [سبأ: ٦]، وقول الله تعالى:

{* أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ} (١٩) [الرعد: ١٩] فمدح الله - تعالى - العلماء الذين عرفوا الحق من طريق الوحي وشهدوا به، فلو كانت ظواهره لا تدل على مراد الشارع لما استحقوا هذا المدح والتكريم (١).

٣ - ومنها قوله تعالى: {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ}


(١) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (١/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>