للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بقولهم «إلا بدليل يجب الرجوع إليه».

هذا الدليل الذي يجوز صرف الظاهر له، إما أن يكون عقليا ظاهرا أو سمعيا ظاهرا. أما الدليل العقلي الظاهر، هو الذي يعلم به كل أحد المراد، وأن الظاهر غير مراد، وذلك مثل قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ٢٣]، فإن كل أحد يعلم بعقله أن المراد أوتيت من جنس ما يؤتاه مثلها، وكذلك قوله: {اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (٦٢) [الزمر: ٦٢] يعلم المستمع أن الخالق لا يدخل في هذا العموم.

وأما الأدلة السمعية فهي الدلالات في الكتاب والسنة التي تصرف بعض الظواهر (١)

فإذا وجد الدليل جاز صرف اللفظ‍ عن ظاهره (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويجوز باتفاق المسلمين أن تفسر إحدى الآيتين بظاهر الأخرى ويصرف الكلام عن ظاهره، إذ لا محذور في ذلك عند أحد من أهل السنة، وإن سمي تأويلا عن الظاهر فذلك لدلالة القرآن عليه؛ ولموافقة السنة والسلف عليه، ولأنه تفسير للقرآن بالقرآن ليس تفسيرا له بالرأي، والمحذور إنما هو صرف القرآن عن فحواه بغير دلالة من الله ورسوله والسابقين. اهـ‍ (٣).


(١) انظر فتاوى ابن تيمية (٦/ ٣٦١) وقد نص من قبل ابن جرير الطبري (٨/ ٩١) على هذين الدليلين يصرف لهما ظاهر اللفظ‍.
(٢) واشترط‍ العلماء لصحة حملة على معنى معين خلاف الظاهر - بعد وجود الدليل الظاهر على صرفه عن ظاهره - شروطا:
أولها: أن يكون المعنى المدّعى موافقا لوضع اللغة أو عرف الاستعمال وعادة صاحب الشرع، وكل تأويل خرج عن هذا فليس بصحيح.
الثاني: أن يقوم الدليل على أن المراد بذلك اللفظ‍ هو المعنى الذي حمل عليه، ويسلم ذلك الدليل من المعارض.
انظر فتاوى ابن تيمية (٦/ ٣٦٠) وبدائع الفوائد (٤/ ٢٠٥) والموافقات (٣/ ٣٩٤) وإرشاد الفحول ص ٣٠٠.
(٣) مجموع الفتاوى (٦/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>