للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن معرفته، وانقرض عصر الصحابة والتابعين وهم لم يعلموا معنى الآية،

ولكن طائفة قالت: يجوز أن يريد هذا المعنى، وطائفة قالت يجوز أن يريد هذا المعنى، وليس فيهم من علم المراد. فجاء الثالث وقال: ههنا معنى يجوز أن يكون هو المراد، فإذا كانت الأمة من الجهل بمعاني القرآن والضلال عن مراد الرب بهذه الحال توجه ما قالوه. وبسط‍ هذا له موضع آخر. اهـ‍ (١).

وهذا القول هو الصواب في المسألة وعليه جمهور علماء الأصول (٢).

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

أمثلة هذه القاعدة كثيرة ومنها: تفاسير أهل البدع كفرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة والصوفية وغيرهم.

فهؤلاء يتأولون القرآن على آرائهم، فتارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه (٣). وقد سبق في أكثر من قاعدة ذكر جملة وافرة من تفاسير هؤلاء القوم؛ فلذلك لا أطيل هنا فالمقصود مطلق المثال، وخاصة في تفاسير هؤلاء.

فمن ذلك قول القاضي عبد الجبار المعتزلي في تفسير قول الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس: ٣] قال: المراد بالاستواء هو الاستيلاء والاقتدار … وبينا أن القول إذا احتمل هذا والاستواء الذي هو بمعنى الانتصاب، وجب حمله عليه؛ لأن العقل قد اقتضاه، من حيث دل على أنه تعالى قديم، ولو كان جسما يجوز عليه الأماكن لكان محدثا، - تعالى - الله عن ذلك؛ لأن الأجسام لا بد من أن يلزمها دلالة الحدث، وهي أيضا لا تنفك من


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٥٩). وانظر (١٣/ ٢٤ - ٢٦) منه.
(٢) انظر العدة لأبي يعلى (٤/ ١١١٣)، وأصول السرخسي (١/ ٣١٠)، والتمهيد لأبي الخطاب (٣/ ٣١٠)، وروضة الناظر مع شرحها (١/ ٣٧٧)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٨٨)، والمسودة ص ٣٢٦، وشرح الكوكب (٢/ ٢٦٤)، وإرشاد الفحول ص ١٥٧.
(٣) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (١٣/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>