للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

من أمثلة هذه القاعدة ما جاء في تفسير قول الله تعالى: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: ٣] اختلف العلماء في الضمير - (هو) - (١):

فقال الجمهور: هو ضمير عائد على ما عادت عليه الضمائر قبله، وهو «الله».

وقال أبو علي الفارسي (٢): «هو» ضمير الشأن، و «الله» مبتدأ خبره ما بعده، والجملة مفسرة لضمير الشأن.

وقول الجمهور أولى القولين بتفسير الآية؛ لأنه متى أمكن الحمل على غير ضمير الشأن فلا يحمل عليه.

قال أبو حيان: والظاهر أن (هو) ضمير عائد على ما عادت عليه الضمائر قبله وهذا قول الجمهور. اه‍ (٣).

وعلل أبو حيان سبب جنوح أبي علي الفارسي إلى هذا التأويل بقوله: وإنما فر إلى هذا؛ لأنه إذا لم يكن ضمير الشأن كان عائدا على الله تعالى فيصير التقدير (والله الله) فينعقد مبتدأ وخبر من اسمين متحدين لفظا ومعنى لا نسبة بينهما إسنادية، وذلك لا يجوز فلذلك - والله أعلم - تأول أبو علي الآية على أن الضمير ضمير الأمة (٤).

قال السمين مجيبا على هذا: قلت: الضمير إنما هو عائد على ما تقدم من


(١) انظر الأقوال في غرائب التفسير للكرماني (١/ ٣٥١) والمحرر الوجيز (٦/ ٦) والبحر المحيط‍ (٤/ ٤٣٣) والدر المصون (٤/ ٥٢٨).
(٢) هو: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي، كان بارعا في النحو، وصنف كتبا عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها، وكان متهما بالاعتزال توفي سنة سبع وسبعين وثلثمائة. إنباه الرواة على أخبار النحاة (١/ ٣٠٨).
(٣) البحر المحيط‍ (٤/ ٤٣٣).
(٤) انظر البحر المحيط‍ (٤/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>