وذهب مالك في رواية وبعض الشافعية وأبو ثور إلى أن اللفظ العام يقصر على سببه، ولا يؤخذ حكم ما أشبه صورة السبب من نصّ الآية، وإنما يعلم بدليل مستأنف آخر من قياس وغيره. وهذا المذهب ضعيف لما قد بينا من أدلة هذه القاعدة. قال الشوكاني - معلقا على مذهب الجمهور -: وهذا هو الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة؛ لأن التعبد للعباد إنما هو باللفظ الوارد عن الشارع، وهو عام، ووروده على سؤال خاص لا يصلح قرينة لقصره على ذلك السبب، ومن ادعى أنه يصلح لذلك فليأت بدليل تقوم به الحجة، ولم يأت أحد من القائلين بالقصر على السبب بشيء يصلح لذلك، وإذا ورد في بعض المواطن ما يقتضي قصر ذلك العام الوارد فيه على سببه لم يجاوز به محله بل يقصر عليه، ولا جامع بين الذي ورد فيه بدليل يخصه وبين سائر العمومات الواردة على أسباب خاصة حتى يكون ذلك الدليل في ذلك الموطن شاملا لها. اه من إرشاد الفحول ص ٢٣٢. وانظر رد حجج من ذهب إلى قصر العام على سببه في العدة لأبي يعلى (٢/ ٦١١)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٢/ ١٦٤)، والمحصول (٣/ ١٩٠/١)، والأشباه والنظائر لابن السبكي (٢/ ١٣٤)، وشرح الكوكب (٣/ ١٨٠)، وإرشاد الفحول ص ٢٣٢)، ومناهل العرفان (١/ ١٠٣). (٢) انظر البرهان للزركشي (١/ ٣٢)، والإتقان (١/ ٨٥)، ومناهل العرفان (١/ ١٢٥)، ومباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص ٨٢، والمدخل لدراسة القرآن لأبي شهبة ص ١٤٢. (٣) ذكر هذه الأقوال عامة المفسرين. انظرها وقائليها في جامع البيان (١٨/ ١٠٣) وما بعدها. وانظر المحرر الوجيز (١١/ ٢٨٧)، والجامع لأحكام القرآن (١٢/ ٢٥)، وتفسير ابن كثير (٦/ ٣٢) وما بعدها.