للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائر نساء أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفيها نزلت.

وقال آخرون: بل ذلك لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلم خاصة، دون سائر النساء غيرهن.

وقال آخرون: ذلك للمهاجرات. كانت المرأة المؤمنة إذا خرجت إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة، وقالوا: إنما خرجت لتفجر فنزلت هذه الآية.

وقال آخرون: بل هي عامة لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلم ولغيرهن ممن كان بالصفة التي وصف الله في هذه الآية، وإن كانت نزلت في شأن عائشة - رضي الله عنها - خاصة، وذلك حكم كل من رمى محصنة لم تقارف سوءا.

وهذا القول أصح الأقوال في تفسير الآية، والذي ترجحه هذه القاعدة، وذلك؛ لأن العبرة بعموم اللفظ‍ لا بخصوص السبب.

وقد نزلت هذه الآية في شأن عائشة - رضي الله عنها - ومن رماها، وألفاظها عامة، فتحمل على عموم ألفاظها في كل محصنة، إذ لا دليل يدل على تخصيصها، ورجح هذا القول الإمام الطبري بقوله:

وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب: قول من قال: نزلت هذه الآية في شأن عائشة، والحكم بها عام في كل من كان بالصفة التي وصفه الله بها فيها.

وإنما قلنا ذلك أولى تأويلاته بالصواب؛ لأن الله عم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ} [النور: ٢٣] كل محصنة غافلة مؤمنة، رماها رام بالفاحشة، من غير أن يخص بذلك بعض دون بعض، فكل رام محصنة بالصفة التي ذكر الله جل ثناؤه في هذه الآية، فملعون في الدنيا والآخرة، وله عذاب عظيم، إلا أن يتوب من ذنبه ذلك قبل وفاته، فإن الله دل باستثنائه بقوله: {إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النور: ٥] على أن ذلك حكم رامي كل محصنة بأي صفة كانت المحصنة المؤمنة المرمية، وعلى أن قوله: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ}

(٢٣) معناه: لهم ذلك إن هلكوا ولم يتوبوا. اه‍ (١).


(١) جامع البيان (١٨/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>