للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغير هؤلاء الأئمة كثير (١)، سوف ترى في الأمثلة مزيدا من أقوالهم، والإحالة على بعضها.

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

أمثلة هذه القاعدة وأمثلة القاعدة السابقة بينهما تشابه وتداخل كبير، وقليل من الأمثلة التي يقع فيها التنازع بين القاعدتين (٢)، وإلا فالغالب اتحاد أمثلتها، فتوحيد مرجع الضمائر يعود إلى المحدث عنه غالبا، وقد تتفق هاتان القاعدتان مع قاعدة إعادة الضمير إلى أقرب مذكور - الآتي ذكرها - فيكون الضمير يعود إلى أقرب مذكور، وهو المحدث عنه، والضمائر جميعا في السياق عائدة إليه، وقد تختلف وتتنازع هذه القواعد، وقد بينت ذلك في مبحث تنازع القواعد من مباحث التمهيد.

فمن أمثلة هذه القاعدة ما جاء في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (٨) [العاديات: ٦ - ٨].

اختلف العلماء في عائد الضمير في «إنه على ذلك»، فقال بعض العلماء: هو عائد على الإنسان.

وقال آخرون: هو عائد على رب الإنسان المذكور في قوله «لربه» (٣) وهذه القاعدة


(١) منهم البيضاوي وشيخ زاده في حاشيته انظرها (٣/ ٣١٤) والسمين الحلبي (٧/ ٢٨٦) والعجيلي في حاشيته على الجلالين (٤/ ١٦٠) والقاسمي في محاسن التأويل (١٥/ ٥٤٠١) والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير (٣٠/ ٥٠٤).
(٢) مثل قوله تعالى: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنّاها لِلنّاظِرِينَ (١٦) [الحجر: ١٦]. فقال بعض العلماء إن الضمير في «زيناها» عائد على البروج؛ لأنها المحدث عنها، والأقرب في اللفظ‍، وقال بعضهم: إنه على السماء حتى لا تختلف الضمائر. انظر البحر المحيط‍ لأبي حيان (٦/ ٤٧١).
فتنازعت هذه القاعدة، والقاعدة السابقة «إعادة الضمير إلى المحدث عنه أولى» وهذا قليل.
(٣) انظر النكت والعيون (٦/ ٣٢٦) والمحرر الوجيز (١٦/ ٣٥٥) وزاد المسير (٩/ ٢١٠) وغيرها من كتب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>