للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجح القول الأول، وذلك حتى تتفق وتتسق الضمائر، فقبل هذا الضمير وبعده ضمائر كلها عائدة على الإنسان اتفاقا، فكذلك هذا الضمير المتنازع فيه يعود إليه، وبه تتحد الضمائر في السياق. وقد رجح هذا القول جماعة من أئمة التفسير كأبي حيان وابن جزي والشوكاني (١) والألوسي والطاهر بن عاشور (٢) والشنقيطي وغيرهم.

قال ابن جزي: والأول -[أي عوده إلى الإنسان] أرجح؛ لأن الضمير الذي بعده للإنسان باتفاق، فيجري الكلام على نسق واحد. اه‍ (٣).

وقال الألوسي: … واتساق الضمائر وعدم تفكيكها يرجح الأول، فإن الضمير السابق أعني ضمير ربه للإنسان ضرورة، وكذا الضمير اللاحق أعني الضمير في قوله: «وإنه لحب الخير». اه‍ (٤).

وقال الشنقيطي - مرجحا هذا القول بهذه القاعدة -: والنظم الكريم يدل على عوده إلى الإنسان وإن كان هو الأول في اللفظ‍ بدليل قوله «وإنه لحب الخير لشديد» فإنه للإنسان بلا نزاع، وتفريق الضمائر بجعل الأول للرب والثاني للإنسان لا يليق بالنظم الكريم. اه‍ (٥).

ومن رجح القول الثاني، استند إلى قاعدة «إعادة الضمير إلى أقرب مذكور أولى من إبعاده». وذلك؛ لأن أقرب مذكور هو رب الإنسان. وهذا من تنازع القواعد وقد سبق في مبحث تنازع القواعد ترجيح قاعدة «توحيد مرجع الضمائر في السياق الواحد … » على قاعدة «إعادة الضمير إلى أقرب مذكور أولى … ». وقد تعرّض أبو حيان لهذا التنازع في هذا المثال ورجح قاعدة «توحيد مرجع الضمائر … » فقال:


(١) انظر فتح القدير (٥/ ٤٨٣).
(٢) انظر التحرير والتنوير (٣٠/ ٥٠٤).
(٣) التسهيل (٤/ ٢١٤).
(٤) روح المعاني (٣٠/ ٢٨٠).
(٥) أضواء البيان (١/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>