للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الزيادة على النص عند الحنفية:

خالف الحنفية في مسألة الزيادة على النص، فقالوا: إن الزيادة على المنصوص نسخ. فكل زائد على الكتاب فهو ناسخ، كزيادة الإيمان في رقبة الكفارة، وزيادة التغريب على الجلد في جلد الزاني البكر، فما جاء منه بطريق التواتر قبل، وما جاء منه بطريق الآحاد فلا يقبل؛ لأن الآحاد لا ينسخ المتواتر، كقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (١) فهذا عندهم زيادة على المنصوص في قوله تعالى: {فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، وهذا يقتضي افتراض مطلق القراءة لما تيسر من أي سورة، فجعل الفاتحة ركنا، نسخ لهذا القاطع بخبر الواحد فلا يجوز (٢).

والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من أن الزيادة على المنصوص ليست نسخا (٣)، وإنما هي تخصيص وبيان وتقييد، إضافة إلى أن حقيقة النسخ لا توجد في الزيادة؛


= قال ابن الجوزي - بعد أن ذكر هذا القول -: قلت: وهذا من أرذل الأقوال، لأن الاستثناء إخراج بعض ما شمله اللفظ‍، وليس بنسخ. اهـ‍ من نواسخ القرآن ص ٢٥٠. فتأمل كيف رد ابن الجوزي قول السدي، وحاكمه على اصطلاح المتأخرين، ولم ينزّل قوله على ما كان مصطلحا عليه في ذلك الوقت.
وقول السدي هذا مروي نحوه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - انظر الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص ١١٣ مع الإيضاح لناسخ القرآن لمكي ص ١٧٨.
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلّها في الحضر والسفر … ، من حديث عبادة بن الصامت. انظر الصحيح مع الفتح (٢/ ٢٧٦)، وأخرجه من حديثه - أيضا - مسلم، كتاب الصلاة، حديث رقم (٣٤).
(٢) انظر كشف الأسرار عن أصول البزدوي (٣/ ٣٦٠ - ٣٦١]، وأصول السرخسي (٢/ ٨٢)، والعدة لأبي يعلى (٣/ ٨٢٤)، وشرح اللمع (٢/ ٢٣٩)، والبرهان للجويني (٢/ ٨٥٣)، وروضة الناظر مع شرحها (١/ ٢٠٨)، وشرح الكوكب (٣/ ٥٨٢)، وإرشاد الفحول ص ٣٣١، وأضواء البيان (٢/ ٢٤٩)، (٣/ ٣٦٨)، (٥/ ٢١١ - ٢١٢).
(٣) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (٦/ ٤٠٧)، والمسودة ص ٢١٠، وأضواء البيان (٣/ ٣٦٨)، (٧/ ٥٥٧ - ٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>