للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجاب عما استدل به الحنفية، بأن اللفظ‍ لما نقل من العرف اللغوي إلى عرف الشرع ترك المعنى اللغوي، وصار حقيقة شرعية؛ لأن المتبادر عند إطلاقه هو المعنى الشرعي، والمتبادر من إطلاقه الحقيقة (١)، فهو بالنسبة إلى الشرع حقيقة وإلى اللغة مجاز (٢).

وأما القول بالإجمال إلا بقرينة، فيجاب عنه بأن أقوى قرينة ترجح إرادة الحقيقة الشرعية هي كون النبي صلى الله عليه وسلم بعث لبيان الشرعيات ولم يبعث لبيان الحقائق اللغوية (٣).

وأدلة هذه القاعدة توضح بجلاء تام صحتها وضعف قول المخالفين لها.

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

من أمثلة هذه القاعدة ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ} (٧) [فصلت: ٦ - ٧].

اختلف المفسرون في المراد بقوله: {لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ}.

فقال بعضهم معناه: الذين لا يعطون الله الطاعة التي تطهرهم، وتزكي أبدانهم ولا يوحدونه.

ويروى هذا القول عن ابن عباس وعكرمة غيرهما.

وقال آخرون: بل معناه: الذين لا يقرون بزكاة أموالهم التي فرضها الله فيها، ولا يعطونها أهلها. ويروى هذا القول عن قتادة والحسن وغيرهما (٤).

وهذا القول هو الذي ترجحه هذه القاعدة، وذلك أن من حمل معنى الزكاة على تزكية وتطهير أنفسهم بفعل الطاعة حملها على أصل المعنى اللغوي لها، وهو النماء


(١) التعارض والترجيح للبرزنجي (٢/ ١١٨).
(٢) شرح الكوكب (٣/ ٤٣٥).
(٣) انظر رسالة ماجستير بعنوان «القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله» لمحمد مصطفى عبود ص ٣٢٥ في جامعة الإمام محمد بن سعود، على الآلة الكاتبة.
(٤) انظر جامع البيان (٢٤/ ٩٢ - ٩٣)، ومعالم التنزيل (٧/ ١٦٤)، وغيرها من كتب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>