للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني عشر:

قاعدة: إذا دار الكلام بين الزيادة والتأصيل فحمله على التأصيل أولى

* صورة القاعدة:

إذا اختلف المفسرون في تفسير لفظة من كتاب الله، فمنهم من يجعلها زائدة، وأصل المعنى تام بدونها، وما جاءت إلا للتقوية والتأكيد، ومنهم من يجعلها أصلية في الكلام، وأصل المعنى لا يتم إلا بها.

فالأولي حملها على التأصيل - وهو عدم الزيادة -؛ لأنه الأصل في الكلام، ولا يعدل عن الأصل إلا بدليل يجب الرجوع إليه؛ ولأن التأسيس أولى من التأكيد كما مرّ في قاعدة سابقة، فيرجح بهذه القاعدة في خلاف المفسرين فيما احتمل فيه اللفظ‍ الزيادة والتأصيل، فخرج بهذا ما إذا كان زائدا للتقوية والتأكيد قولا واحدا؛ لأن زيادة بعض الحروف والكلمات للتأكيد وارد في لسان العرب (١) ومن سننها في الكلام، وبه جاء القرآن (٢)، فإذا لم يحتمل اللفظ‍ التأصيل والزيادة فإنه لا يقع فيه خلاف أصلا، ومن ثمّ لا ترجيح بهذه القاعدة فيه.

* الزيادة بين مثبتيها ومنكريها، وتحديد مفهومها في هذه القاعدة:

اختلف العلماء في وقوع الزائد - أي الصلة - في القرآن الكريم.


(١) ذكر العلماء حروف الزيادة التي تكثر زيادتها في كلام العرب في بعض مواردها لا أنها ملازمة للزيادة في كل وقت، انظر تأويل مشكل القرآن ص ٢٤٤ - ٢٢٥، والبرهان في علوم القرآن (٣/ ٧٥)، وانظر الصاحبي ص ٣٣٩، وذكر هؤلاء أمثلة لحروف الزيادة من آيات القرآن، وأكثرها من أمثلة هذه القاعدة الراجح فيها عدم الزيادة، لاحتمال اللفظ‍ لهما، وإذا احتمل اللفظ‍ الزيادة وعدمها كان حمله على عدمها أولى.
(٢) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ٤٨٢)، وجامع البيان (٤/ ١٥٠)، والمحرر الوجيز (٣/ ٢٧٩)، والأشباه والنظائر في النحو (٢/ ٧٤)، وأضواء البيان (٤/ ٢٥٢ - ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>