للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فمنهم من أنكره.

- ومنهم من أثبته، وينسب هذا إلى عامّة العلماء من الفقهاء والمفسرين وغيرهم (١)؛ لأنه نزل بلسان القوم ومتعارفهم وهو كثير؛ لأن الزيادة بإزاء الحذف هذا للاختصار والتخفيف وهذا للتوكيد والتوطئة (٢).

فمن أنكر وقوع الزائد في العربية وفي القرآن إنما أراد إنكار زيادة لفظ‍ لا فائدة فيه ولا معنى له؛ لأن الكلام العاري عن الفائدة والمعنى هذيان ونقص لا يقصده العقلاء في كلامهم، فكيف برب العالمين؟! (٣).

قال الرازي: لا يجوز أن يتكلم الله تعالى بشيء ولا يعني به شيئا؛ لأن التلكّم بما لا يفيد شيئا هذيان، وهو نقص، والنقص على الله تعالى محال؛ ولأن الله وصف القرآن بكونه هدى وشفاء وبيانا وذلك لا يحصل بما لا يفهم معناه اهـ‍ (٤).

أما من أثبته فهو يقول زائد عن أصل المعنى؛ جاء لغرض التقوية والتأكيد، وهذا هو ما نص عليه العلماء في بيانهم لحقيقة مذهب من أنكر الزيادة في القرآن، ومذهب من أثبتها.

قال ابن عطية - في تفسير قوله تعالى: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: ١٥٩]-: و «ما» جرّد عنها معنى النفي، ودخلت للتأكيد، وليست زائدة على الإطلاق لا معنى لها، وأطلق عليها سيبويه (٥) اسم الزيادة من حيث زال عملها اهـ‍ (٦).


(١) البرهان في علوم القرآن (٣/ ٧٢)، وينسب القول بإنكاره إلى المبرد وثعلب.
(٢) البرهان (١/ ٣٠٥)، والبحر المحيط‍ في أصول الفقه (١/ ٤٥٩ - ٤٦٠).
(٣) انظر البرهان (٣/ ٧٢).
(٤) المحصول (١/ ٥٣٩/١ - ٥٤١)، وانظر نهاية السول شرح منهاج الأصول (١/ ٢٧٦).
(٥) هو: إمام النحو، أبو بشر، عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي ثم البصري، أخذ النحو عن الخليل ابن أحمد ولازمه، وألف «الكتاب» في النحو، توفي سنة ثمانين ومائة، وقيل غير ذلك، انظر إنباه الرواة (٢/ ٣٤٦)، وسير أعلام النبلاء (٨/ ٣٥١).
(٦) المحرر الوجيز (٣/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>