للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثا يخالف ما روى الناس (١) فمخالفة الراوي الثقة لرواية الثقات ومن هو أولى منه بكثرة عدد أو زيادة حفظ‍ يعدّ شذوذا، ويكون حكمه الرد، وكذلك المفسر إذا خالف عامة المفسرين.

***

* أدلة القاعدة:

الأدلة على أصل هذه القاعدة كثيرة (٢) منها:

١ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «صلّى بنا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الظهر - أو العصر - فسلّم، فقال له ذو اليدين (٣): الصلاة يا رسول الله أنقصت؟ فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه:

أحقّ ما يقول؟ قالوا: نعم. فصلّى ركعتين أخريين، ثم سجد سجدتين» (٤).

فهذا الحديث واضح الدلالة على تقوية قول الأكثر، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قوّى قول ذي اليدين بقول الصحابة: «نعم». فوافقوه على ما قال، فأخذ بقولهم ورجحه على ظنه الذي ظنه بأنه صلى أربعا.

٢ - ومنها: حديث قبيصة بن ذؤيب (٥) قال: «جاءت الجدة إلى أبي بكر فسألته ميراثها فقال: مالك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعطاها السدس


(١) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ص ٥٣، وانظر تدريب الراوي (١/ ١٩٣) واليواقيت والدرر (١/ ٢٨١)، ومنهج النقد ٤٢٨.
(٢) انظر روضة الناظر مع شرحها لبدران (٢/ ٤٥٩).
(٣) ذو اليدين هو: الخرباق - بكسر المعجمة وسكون الراء - السلمي، على ما رجحه الحافظ‍ ابن حجر في فتح الباري (٣/ ١٢١)، والإصابة (٢/ ١٠٨).
(٤) متفق عليه، البخاري، كتاب السهو، باب إذا سلّم في ركعتين أو ثلاث فسجد سجدتين، انظر الصحيح مع الفتح (٣/ ١١٦). ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، حديث رقم (٩٧ - ١٠٠).
(٥) هو: قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، الفقيه، أبو سعيد المدني ثم الدمشقي، ولد عام الفتح، وروى عن جماعة من الصحابة، وكان ثقة مأمونا كثير الحديث. توفي سنة ست وثمانين، وقيل غير ذلك. سير أعلام النبلاء (٤/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>