للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغير هؤلاء الأئمة كثير (١).

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

أمثلة هذه القاعدة كثيرة، منها ما جاء في تفسير قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ} (٤١) [النور: ٤١].

اختلف العلماء في عائد الضمير المحذوف الذي هو فاعل «علم».

فقال بعض أهل العلم: إنه راجع إلى الله تعالى في قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ} الآية، وعلى هذا يكون المعنى: كل من المصلين والمسبحين، قد علم الله صلاته وتسبيحه.

وقال آخرون: بل هو راجع إلى قوله: {كُلٌّ،} فعلى هذا يكون المعنى: كل من المصلين والمسبحين قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه (٢).

وأولى القولين في هذا بالصواب القول الثاني، أي إعادة الضمير إلى قوله: {كُلٌّ،}

وذلك حتى يكون قوله تعالى: {وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ} (٤١) تأسيسا لمعنى جديد، وهو إحاطة علمه تعالى بكل ما يفعلون.

أمّا على القول الأول فإن جملة {وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ} (٤١) تكون مؤكدة لمعنى جملة {قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} فالجملة الأولى مخبرة عن علمه تعالى بصلاتهم وتسبيحهم، وكذلك جملة {وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ} (٤١) مخبرة بذلك فتكون مؤكدة لها.

وإذا دار الكلام بين التأسيس والتأكيد فحمله على التأسيس أرجح.


(١) كالقزويني في الإيضاح في علوم البلاغة ص ٦٩، والجرجاني في التعريفات ص ٧٦، والسيوطي في الأشباه والنظائر في الفقه ص ١٣٥، والمناوي في التوقيف ص ١٥٥، والكفوي في الكليات ص ١٠٦٥، والمعلمي في التنكيل (٢/ ٦٣٢) رقم الصفحة متسلسل.
(٢) أضواء البيان (٦/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>