للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى: {* إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ}

الآية» (١).

ولو صح هذا التوجيه الذي ذكره الفراء والطبري لكان هذا المثال من أمثلة القاعدة السابقة، وهي: «اتحاد معنى القراءتين أولى من اختلافه»، وقد أشار إلى هذا السمين الحلبي بعد أن ذكره، فقال: وحينئد يتّحد معنى القراءتين. اهـ‍ (٢).

***

[الأمثلة التطبيقية على القاعدة]

من أمثلة هذه القاعدة ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} (٤٣) [الرعد: ٤٣].

قرأ قرأة الأمصار {وَمَنْ} في الآية بفتح الميم وسكون النون فتكون (من) في موضع خفض عطفا على اسم الله.

بمعني: والذين عندهم علم الكتاب - أي الكتب التي نزلت قبل القرآن كالتوراة والإنجيل - يشهدون بالحقّ ويقرّون به. وعلى هذه القراءة فسّر ذلك المفسّرون.

فعن ابن عباس قوله: {قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} (٤٣)، فالذين عندهم علم الكتاب: هم أهل الكتاب من اليهود والنّصارى.

وقال بعض أهل التفسير كمجاهد وغيره: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} (٤٣) قال:

هو عبد الله بن سلام خاصة.

وقرأ آخرون: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} وهي قراءة ابن عباس ومجاهد والحسن وبه قرأ ابن السّميفع، وابن أبي عبلة.


(١) متفق عليه، البخاري، كتاب الحج، باب وجوب الصّفا والمروة، وجعل من شعائر الله. انظر الصحيح مع الفتح (٣/ ٥٨١).
(٢) الدر المصون (٢/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>