للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في تلك القاعدة - يعني قاعدة «القول الذي تؤيده آيات قرآنية مقدم على ما عدم ذلك» - فليس الأمر كذلك، وإنما الحال أن يكون معنى أحد الأقوال ورد به القرآن في آية أخرى. فورود مضمون هذا القول في القرآن مع انعدام ورود بقية الأقوال دليل على صحته وأنه أولى من غيره. أو يكون الوارد في القرآن معنى يردّ أحد الأقوال التي قيلت في الآية.

وبالجملة فهذه القاعدة أقوى في الترجيح من تلك القاعدة؛ وذلك؛ لأن المعنى الذي ترجحه يكون واردا في القرآن في أكثر من موضوع بنفس اللفظ‍ أو الأسلوب المتنازع فيه، وأمّا في تلك القاعدة فالآية الأخرى ليست واردة بنفس ألفاظ الآية المتنازع فيها، وإنما في معنى الآية، كما سيأتي بيانه في أمثلتها التطبيقية.

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

١ - منها ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها}

[النور: ٣١].

قال العلاّمة الشنقيطي - بعد أن ساق أقوال العلماء في المراد بالزينة الظاهرة والزينة الباطنة -: وجميع ذلك راجع في الجملة إلى ثلاثة أقوال:

الأول: أن المراد بالزينة ما تتزين به المرأة خارجا عن أصل خلقتها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها كقول ابن مسعود، ومن وافقه: إنها ظاهر الثياب، لأن الثياب زينة لها خارجة عن أصل خلقتها وهي ظاهرة بحكم الاضطرار كما ترى.

وهذا القول هو أظهر الأقوال عندنا وأحوطها، وأبعدها من الريبة وأسباب الفتنة.

القول الثاني: أن المراد بالزينة، ما تتزين به، وليس من أصل خلقتها أيضا، لكن النظر إلى تلك الزينة يستلزم رؤية شيء من بدن المرأة، وذلك كالخضاب والكحل،

<<  <  ج: ص:  >  >>