للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - وهي قاعدة أصولية قررها علماء الأصول في مصنفاتهم (١)، فقد قرروا أن خطاب الشارع إذا ورد بلفظ‍ له حقيقة في اللغة، وحقيقة في الشرع كالوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج ونحوها، فإنه يجب حمل ذلك على عرف الشرع، على أرجح المذاهب في المسألة (٢).

***

* المخالفون للقاعدة والجواب على قولهم:

نازع في هذه القاعدة الإمام أبو حنيفة، وبعض الأصوليين فذهب الإمام أبو حنيفة إلى تقديم الحقيقة اللغوية على الحقيقة الشرعية، وحجته في هذا أن المعنى الشرعي مجاز، والكلام لحقيقته، إلا أن يدل دليل على المجاز، بناء على أن اللفظ‍ في الأصل موضوع لمعناه اللغوي، فإذا نقل إلى المعنى الشرعي صار مجازا (٣).

وذهب بعض الأصوليين إلى أن اللفظ‍ إذا دار بين الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية، فإنه يصير مجملا (٤)، وذلك لتردده بينهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يناطق العرب بلغتهم، كما يناطقهم بعرف شرعه، إلا أن ترد قرينة ترجح إحداهما (٥).


(١) انظرها في شرح اللمع (١/ ١٣١)، والتمهيد لأبي الخطاب (٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣)، والمحصول (١/ ٥٧٧/١)، و (٢/ ٥٧٤/٢)، وروضة الناظر مع شرحها (٢/ ١٤)، والإحكام للآمدي (٣/ ٢٥)، وشرح تنقيح الفصول ص ١١٢ - ١١٤، وبيان المختصر «شرح مختصر ابن الحاجب» (٢/ ٣٧٩)، والتمهيد للأسنوي ص ٢٢٨، والبحر المحيط‍ للزركشي (٣/ ٤٧٣ - ٤٧٥)، وشرح الكوكب (١/ ٢٩٩)، و (٣/ ٤٣٤)، وإرشاد الفحول ص ٢٩٠ - ٤٦٣)، ونشر البنود (١/ ١٢٩).
(٢) شرح الكوكب (٣/ ٤٣٤) بتصرف يسير.
(٣) شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٣٥)، وانظر كشف الأسرار عن أصول البزدوي (٢/ ٧٦)، وقواعد في علوم الحديث ص ٢٩٧، والتعارض والترجيح للبرزنجي (٢/ ١١٨).
(٤) المجمل في اصطلاح الأصوليين هو: ما لا ينبئ عن المراد بنفسه، ويحتاج إلى قرينة تفسره، قاله القاضي أبو يعلى في العدة (١/ ١٤٢)، وقال الفتوحي هو: ما تردّد بين محتملين فأكثر على السواء، شرح الكوكب (٣/ ٤١٤).
(٥) هذا القول هو ظاهر كلام الإمام أحمد، واختاره القاضي أبو يعلى في العدة (١/ ١٤٣)، وانظر المسودة ص ١٧٧، وشرح الكوكب (٣/ ٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>