للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقوال العلماء في ذلك كثيرة، سيأتي بعضها في الأمثلة التطبيقية (١).

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

من أمثلة هذه القاعدة ما جاء في تفسير قوله تعالى: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ} (٥) [الأنفال: ٥].

هذه الآية من الآيات المشكلة، وقد اختلف المعربون والمفسرون اختلافا كبيرا في الشيء الذي تتعلق به الكاف في «كما»، حتى أوصل بعضهم الأقوال فيها إلى عشرين قولا (٢)، فيها أوجه قوية، وأخرى ضعيفة، والذي يهمنا هنا هو التمثيل لهذه القاعدة، وذلك بتضعيفها وردها للأقوال التي تحمل الآية على أوجه ضعيفة أو شاذة أو لا تعرف في لغة العرب، وكل ما شاع وانتشر في العربية فحمل الآية عليه محتمل، ويرجّح بينها بقواعد أخر.

ومن أغرب ما ورد في تفسير وإعراب هذه الآية ما قاله أبو عبيدة في المجاز، قال:

مجازها مجاز القسم، كقولك: والذي أخرجك ربك؛ لأن «ما» في موضع «الذي».

اه‍ (٣) فجعل «الكاف» حرف قسم بمعنى «الواو». وهذا القول غريب جدا في العربية وفي معنى الآية، وقد ردّ الأئمة هذا الوجه الذي ذكره أبو عبيدة، وأنكروا ورود الكاف بمعنى واو القسم في لغة العرب، وجعل ابن هشام قول أبي عبيدة هذا من التخريج على ما لم يثبت في العربية.

قال في المغني بعد أن ذكر قول أبي عبيدة في الآية: ويبطل هذه المقالة أربعة أمور:

أن الكاف لم تجيء بمعنى واو القسم.


(١) وانظر المحرر الوجيز (٩/ ٥)، والتفسير القيم ص (٤٢٠ - ٤٢١).
(٢) كالسمين الحلبي في الدر المصون (٥/ ٥٥٩)، وذكر أبو حيان قبله في البحر (٥/ ٢٧٢) خمسة عشر قولا، وانظر بعضها في إعراب القرآن للنحاس (٢/ ١٦٧)، ومشكل إعراب القرآن لمكي (١/ ٣٠٩)، والمحرر الوجيز (٨/ ١٤ - ١٦).
(٣) مجاز القرآن (١/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>