للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعريف المفسر]

كل أهل فن عرّفوا بمن اشتغل بفنهم، فالفقهاء عرّفوا بالفقيه، وكذا الأصوليون عرفوا بالأصولي، وهكذا.

ولم أر - على قصور منّي - من عرّف بالمفسر، ممن اشتغل بهذا الفن غير أنه يمكن استيحاء ذلك، من الضوابط‍ العامة التي جعلت للمفسر، ومن تعريفات أصحاب الفنون لأصحابها (١).

فالمفسر هو: من له أهلية تامة يعرف بها مراد الله - تعالى - بكلامه المتعبد بتلاوته، قدر الطاقة، وراض نفسه على مناهج المفسرين، مع معرفته جملا كثيرة من تفسير كتاب الله، ومارس التفسير عمليا بتعليم أو تأليف.

فقولي: «من له أهلية تامة .. » أدخل كل من استكمل المؤهلات التي تؤهله لتفسير كلام الله، وذلك بأن يكون عالما باللغة وما يندرج تحتها من شرح مفردات، وفهم تراكيب ودلالات الألفاظ‍، والنحو والتصريف، والاشتقاق، والبلاغة، وكذلك علم القراءات، وعلم أصول الفقه، والفقه، ومعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وما يحتاج إليه من ذلك. وخرج بهذا القيد من لم يستكمل تلك العلوم.

وقولي: «ومارس التفسير عمليا بتعليم أو تأليف» قيد أخرج من علم جملة من تفسير كتاب الله ولم يمارس تعليمه أو التأليف فيه، فإنه لا يكون مفسرا بمجرد العلم بجملة من التفسير، بل يكون بها وحدها وعاء ناقلا لتلك الجمل التي حفظها وعلمها. ووضعت هذا القيد ليدخل في مسمى «المفسّر» من عرف جملا من التفسير، ومارسه بالتعليم دون التأليف وهم كثير من علماء الأمة، فكثيرا ما يجد القارئ في كتب التراجم، وطبقات المفسرين من كان ينتصب لتدريس تفسير كتاب الله في المساجد والمدارس، ولم يعرف عنه أنه ألف في التفسير كتابا.

***


(١) انظر شرح الكوكب المنير (١/ ٤٢) تعريف الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>