للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتفاء الحكم من كل وجه: ثبوت النقيض أو الضد؛ لأنه متى ثبت نقيض الشيء، أو ضده انتفى فكان ذلك دليل الرفع (١).

وفي هذا إخراج لمفهوم النسخ عند السلف - لإدخالهم فيه تخصيص العام، وتقييد المطلق، وتبيين المجمل، وإيضاح المبهم، والاستثناء، ونحو ذلك على ما سيأتي - فإن حكم الآية لم ينتف من كل وجه، بل من بعض الوجوه دون بعض.

وفيه - أيضا - إخراج لقول الحنفية بأن الزيادة على النص نسخ؛ لأن الزيادة على النص ليس فيها نفي للحكم من كل وجه.

وفيه - أيضا - إخراج لما ادعى فيه النسخ - لظهور تعارض بين النصوص - واختلفت موارد النصوص فيها.

فهذه قاعدة ترجيحية بين الأقوال المختلفة في النسخ وعدمه، فالأصل بقاء الحكم، ولا يقال بالنسخ إلا بحجة واضحة ظاهرة قاضية بالنسخ، أمّا إذا كان الأمر محتملا فالأصل عدم النسخ.

***

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

أقوال العلماء في اعتماد هذه القاعدة كثيرة، واعتمادهم لمضمونها واضح جليّ، فمن هؤلاء الأئمة الذين اعتمدوا هذه القاعدة في الترجيح:

١ - الإمام الطبري: قال - مقررا هذه القاعدة بعد أن رجح الإحكام في آية ادعي عليها النسخ -: وليس في الآية دليل على أن حكمها منسوخ، لاحتمالها ما ذكرت من المعنى الذي وصفت. وغير جائز أن يحكم بحكم قد نزل به القرآن أنه منسوخ، إلاّ بحجة يجب التسليم لها، فقد دللنا في غير موضع من كتبنا على أن لا منسوخ إلا ما أبطل حكمه حادث حكم بخلافه، ينفيه من كل معانيه، أو يأتي خبر يوجب


(١) شرح تنقيح الفصول ص ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>