للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالترجيح بين أقوال المفسرين لأجل موافقة آية أوآيات لأحد الأقوال من باب أولى. بل يجب أن يرجح ذلك القول الموافق للقرآن إذا لم ينازعه وجه آخر مثله أو أقوى منه، لدلالة القرآن على صحته.

وكذلك اعتمده المحدّثون كوجه من أوجه الترجيح عندهم بين الأحاديث المختلفة، كما هو مسطر في علوم الحديث (١).

***

* مسألة: في تحرير مفهوم مصطلح «تفسير القرآن بالقرآن»:

يذكر العلماء «تفسير القرآن بالقرآن» على أنه من أنواع التفسير بالمأثور، وأنه أبلغ أنواع التفسير وأصحها، وما وجدت لأحد منهم عناية بتقرير حدّ وضابط‍ واضح يضبط‍ هذا النوع الذي استحق هذه الرتبة العظيمة في التفسير، وإنما هو كلام عام فيه وتطبيقات عليه لا يظهر منها تحديد دقيق له.

وبعد طول تأمل في هذا المصطلح وأمثلته ظهر لي - والله تعالى أعلم - أن تفسير القرآن بالقرآن ينقسم إلى قسمين، أحدهما: توقيفي، لا اجتهاد فيه ولا نظر. والآخر:

اجتهادي، يعتمد على قوة نظر المفسر وتجرده، في قربه من الصحة أو بعده عنها.

فالقسم الأول: التوقيفي هو: «أن يكون في الكلام لبس وخفاء فيأتي بما يزيله ويفسره» (٢)، إما بعده مباشرة، أو في موضع آخر وارد مورد البيان له.

فمن أمثلة هذا القسم تفسير الهلوع في قوله تعالى: {* إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً} (١٩) [المعارج: ١٩] بقوله: {إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} (٢١) [المعارج: ٢٠ - ٢١] وتفسير الطارق في قوله: {وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطّارِقُ} (٢) بقوله: {النَّجْمُ الثّاقِبُ} (٣) [الطارق: ١ - ٣].


(١) انظر الاعتبار للحازمي ص ٧٩، والتبصرة والتذكرة للعراقي (٢/ ٣٠٤)، وتدريب الراوي (٢/ ١٨١)، وقواعد في علوم الحديث ص ٣٠٣.
(٢) معترك لأقران (١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>