للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفسير أولياء الله في قوله: {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (٦٢) بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ} (٦٣) [يونس: ٦٢ - ٦٣].

ومثال ما فسر في موضع آخر قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ} [النحل: ١١٨] وذلك في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ‍ بِعَظْمٍ} [الأنعام: ١٤٦].

وغير ذلك من الأمثلة (١)، فهذا القسم ولا شك أنه أبلغ أنواع التفسير ولا قول لأحد معه، ومثله لا يختلف فيه، وهو الذي يصنّف من التفسير بالمأثور.

والقسم الثاني: الاجتهادي، وهو المعتمد على صحة النظر وقوة الاستنباط‍، وذلك بأن يحمل معنى آية على آية أخرى تكون مبينة وشارحة للآية الأولى، وهذا النوع منه المقبول ومنه المردود كأيّ اجتهاد في تفسيرآية، ولا اعتبار في قبوله بكونه فسّرت آية بأخرى، فكثيرا ما تجعل الآية أو لفظ‍ منها نظيرا لما ليس مثله (٢)، وقد يكون حمل


(١) انظر جملة منها في البرهان للزركشي (٢/ ١٨٦ - ١٩٦) و (٣/ ٣٦) ومعترك الأقران (١/ ٢٧٣).
(٢) كما يفعل أهل البدع والأهواء من المعتزلة ومن نحا نحوهم، فهم يقررون بدعهم، ويجعلون بعض الآيات نظائر بعض - وهي ليست كذلك - لتصحيح ما ذهبوا إليه. كمن جعل قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: ٧٥] مثل قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً [يسن: ٧١] والحق أن هذه الآية ليست مثل تلك؛ لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي فصار شبيها بقوله: بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ [الروم: ٤١] وهنا أضاف الفعل إليه فقال «لما خلقت» ثم قال «بيدي» وأيضا: فإنه هنا ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد، وفي اليدين ذكر لفظ‍ التثنية، كما في قوله:
بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ [المائدة: ٦٤]، وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع، فصار كقوله. تَجْرِي بِأَعْيُنِنا [القمر: ١٤].
وهذا في «الجمع» نظير قوله «بيده الملك» «بيده الخير» في «المفرد» فالله - سبحانه وتعالى - يذكر نفسه تارة بصيغة المفرد مظهرا أو مضمرا، وتارة بصيغة الجمع كقوله: إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) -

<<  <  ج: ص:  >  >>