للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكقوله تعالى: {لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} (٦) [التحريم: ٦] وإطلاق اسم المعصية على مخالفة الأمر يدل على أن مخالفه عاص، ولا يكون عاصيا إلا بترك واجب، أو ارتكاب محرم.

وكقوله تعالى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] فإنه يدل على أن أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم مانع من الاختيار موجب للامتثال، ونبه إلى أن مخالفته وعدم امتثاله معصية بقوله بعده:

{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} (٣٦) [الأحزاب: ٣٦] وهذا يدل على اقتضائه الوجوب (١).

والآيات في هذا المعنى كثيرة.

[٢ - ومن أدلة السنة على هذه القاعدة]

أ - حديث أبي سعيد بن المعلى (٢) قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، فقال: «ألم يقل الله:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ} [الأنفال: ٢٤]»، الحديث (٣).

فلامه على تركه الإجابة بعد أمر الله تعالى بها، فدل على أن الأمر للوجوب (٤).

ب - ومنها حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» (٥).

قال الحافظ‍ ابن حجر في شرح هذا الحديث: فيه دليل على أن الأمر للوجوب من


(١) أضواء البيان (٦/ ٢٥٣)، وانظر (٣/ ٤٢٢ - ٤٤٣)، و (٤/ ٥٠٥ - ٥٠٦)، و (٥/ ٢٤٥) منه.
(٢) هو: الحارث بن نفيع بن المعلى الأنصاري، وهو غير رافع بن المعلى، أخرج له البخاري، وأرخوا وفاته سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة ثلاث. الإصابة (٧/ ٨٤).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب ما جاء في فاتحة الكتاب، انظر الصحيح مع الفتح (٨/ ٦).
(٤) التمهيد لأبي الخطاب (١/ ١٥٥).
(٥) متفق عليه، البخاري، كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة. انظر الصحيح مع الفتح (٢/ ٤٣٥)، ومسلم، كتاب الطهارة، حديث رقم (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>