للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأمثلة التطبيقية على القاعدة]

الأمثلة على هذه القاعدة كثيرة منها:

١ - ما جاء في تفسير قول الله تعالى: {وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١]. اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: {إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} وفي تأويل ذلك (١).

فقال بعضهم: كان قائل ذلك رجلا من اليهود، ثم اختلفوا في اسم ذلك الرجل على أقوال. فقيل مالك بن الصيف، وقيل: فنحاص اليهودي ..

وقال آخرون: بل عنى بذلك جماعة من اليهود سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم مثل آيات موسى - عليه السلام -. والقولان بمعنى واحد، وهو أن هذه الآية خبر عن اليهود.

وقال آخرون: هذا خبر من الله - جلّ ثناؤه - عن مشركي قريش أنهم قالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء.

وهذا القول الأخير هو الأوفق للسياق، وهو الذي رجحه الطبري بهذه القاعدة التي نحن بصدد التمثيل لها.

قال - رحمه الله -: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل ذلك، قول من قال:

عنى بذلك: وما قدروا الله حق قدره مشركو قريش، وذلك أن ذلك في سياق الخبر عنهم أولا، فأن يكون ذلك أيضا خبرا عنهم أشبه من أن يكون خبرا عن اليهود، ولما يجر لهم ذكر يكون هذا به متصلا مع ما في الخبر عمن أخبر الله عنه في هذه الآية من إنكاره أن يكون الله أنزل على بشر شيئا من الكتب، وليس ذلك مما تدين به اليهود، بل المعروف من دين اليهود، الإقرار بصحف إبراهيم وموسى وزبور داود، وإذا لم يأت بما روى من الخبر، بأن قائل ذلك كان رجلا من اليهود خبر صحيح متصل السند، ولا كان على أن ذلك كان كذلك من أهل التأويل إجماع، وكان الخبر


(١) انظر الأقوال في جامع البيان (٧/ ٢٦٦) وما بعدها، وقد أطال الرازي في تقرير الاعتراضات الواردة على القولين (١٣/ ٧٨)، وانظر المحرر الوجيز (٦/ ١٠٤) والبحر المحيط‍ (٤/ ٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>