للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البيضاوي: ولا نعني بالمزيد اللغو الضائع، فإن القرآن كله هدى وبيان، بل ما لم يوضع لمعنى يراد منه، وإنما وضعت لأن تذكر مع غيرها فتفيد له وثاقة وقوة وهو زيادة في الهدى غير قادح فيه اهـ‍ (١).

وقال السمين الحلبي - في تقريره لمعنى الزيادة عند القائلين بها -: إن القائلين يكون هذا زائدا لا يعنون أنه يجوز سقوطه ولا أنه مهمل لا معنى له، بل يقولون زائد للتوكيد، فله أسوة بسائر ألفاظ‍ التوكيد الواقعة في القرآن اهـ‍ (٢).

وتجنبا لما يوهمه لفظ‍ «الزيادة» كانوا يرون استبداله بألفاظ‍ «الصلة، والمقحم، والتأكيد» تأدبا مع القرآن لئلا يتوهم فيه ما لا يليق به من وجود ألفاظ‍ لا فائدة فيها ولا معنى لها.

ويقرر الزركشي هذا بقوله: والأكثرون ينكرون إطلاق هذه العبارة -[يعني الزيادة]- في كتاب الله، ويسمونه التأكيد ومنهم من يسميه بالصلة، ومنهم من يسميه المقحم … والأولى اجتناب مثل هذه العبارة في كتاب الله، فإن مراد النحويين بالزائد من جهة الإعراب، لا من جهة المعنى اهـ‍ (٣).

ومثل هذا الخلاف في تسميتها - زيادة أو صلة أو مقحم - ليس مهما في هذه القاعدة، فالأمر يستوي فيها جميعا، وذلك؛ لأنها أتت لتقوية وتأكيد المعنى على كل تسمية، وإنما وقع الكلام فيها طلبا للتأدب مع القرآن.

وأمّا الخلاف المعتبر في أمثله هذه القاعدة هو الخلاف الذي يجعل اللفظة زائدة، بحيث يكون المعنى تاما بدونها عدا التوكيد، «فالزائد هو ما أتي به لغرض التقوية والتأكيد» (٤).


(١) أنوار التنزيل (١/ ٤٤).
(٢) الدر المصون (٣/ ٤٦٢).
(٣) البرهان في علوم القرآن (٣/ ٧٠ - ٧٢)، وانظر البحر المحيط‍ في الأصول (١/ ٤٥٩).
(٤) البرهان (٣/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>