للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صح القول بالحذف والإضمار في الآية وذلك بوجود أدلة على المحذوف، ولا يصح تطبيقها إذا لم يصح القول بالإضمار وذلك بأن كان دعوى مجردة، أو كان يحتمل الإضمار والاستقلال، فيحمل على الاستقلال كما مرّ في القاعدة السابقة.

إذا تقرر هذا

* علم فساد قول من قال (١) في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام: ١٥٨]: أي: أمره، ويدل على المحذوف ذكره في موضع آخر وهو قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} [النحل: ٣٣]؛ لأنه لا حذف أصلا وكلتا الآيتين مستقلة، فهو - سبحانه - يأتي يوم القيامة لفصل القضاء، وأمره آت بحشرهم لموقف القيامة، وما يعاينون فيه من أهوال.

ولا دليل صحيح على الحذف، ومن قال بالحذف كان ذلك بسبب ما اعتقده من نفي هذه الصفة عن الله، ومستندهم في ذلك دلالة عقولهم التي عارضوا بها الوحي وجعلوا ذلك مستحيلا في حقه - تعالى -، فلجأوا إلى تأويلها بتقدير محذوف.

وقد سبق مناقشة القول بالحذف والإضمار في آيات الصفات في الأمثلة التطبيقية في القاعدة السابقة.

فإذا بطل القول بالحذف أصلا، بطل تعيين المحذوف بهذه القاعدة

* ولا يدخل تحت هذه القاعدة عدم ذكر بعض الصفات المقيّدة لإطلاق الحكم وذكرها في موضع آخر، مثل صفة الإيمان في عتق الرقبة ذكرت في كفارة القتل الخطأ، ولم تذكر في كفارة الظهار وكفارة اليمين، فلا يعتبر عدم ذكرها هنا أنها


(١) انظر: البرهان في علوم القرآن (٣/ ١١٤) وفي ص ١٠٩ من نفس الجزء جعل العقل هو دليل الحذف والتعيين كقوله: وَجاءَ رَبُّكَ [الفجر: ٢٢] أي: أمره أو عذابه أو ملائكته؛ لأن العقل دلّ على أصل الحذف ولاستحالة مجيء البارئ عقلا؛ لأن المجيء من سمات الحوادث، ودل العقل أيضا على التعيين وهو الأمر ونحوه، وانظر الإرشاد إلى الإيجاز ص ٤. مما يدلك أن أصل القضية هي المعتقد، فحين يجد متشبثا في آية أخرى تعلق بها، وحين لا يجد استمر على ما انتهجه، وجعل العقل هو الدال على الحذف، والدال على تعيين المحذوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>