للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال رجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال: «لجميع أمّتي كلّهم» (١).

قال العلامة الشنقيطي - معلقا على هذا الحديث -:

فهذا الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عامة اللفظ‍، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ألي هذه؟ ومعنى ذلك: هل النص خاص بي لأني سبب وروده؟ أو هو على عموم لفظه؟ وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: «لجميع أمتي» معناه أن العبرة بعموم لفظ‍ {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} لا بخصوص السبب. والعلم عند الله - تعالى - اه‍ (٢).

ثانيا - أفتى النبي صلى الله عليه وسلم بمضمون هذه القاعدة، وبما تقرره، في قصة سلمة بن صخر الأنصاري (٣) حين ظاهر من امرأته (٤)، حيث أجرى عليه عموم لفظ‍ آيات الظهار


(١) أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة، انظر الصحيح مع الفتح (٢/ ١٢) وأخرجه أيضا في كتاب التفسير، تفسير سورة هود انظر الفتح (٨/ ٢٠٥). وأخرجه مسلم، كتاب التوبة، حديث رقم (٣٩ - ٤٢).
(٢) أضواء البيان (٣/ ٢٥٠).
(٣) هو سلمة بن صخر بن سليمان الخزرجي الأنصاري، له صحبة، وكان أحد البكائين في جيش العسرة. قال البغوي: لا أعلم له حديثا مسندا إلا حديث الظهار. انظر تهذيب الكمال (١١/ ٢٨٨)، والإصابة (٣/ ١١٧).
(٤) أخرج القصة الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٣٧)، وأبو داود في السنن، كتاب الطلاق، باب في الظهار (٢/ ٢٦٥)، والترمذي، كتاب التفسير، تفسير سورة المجادلة (٥/ ٣٧٨)، وابن ماجة، كتاب الطلاق، باب الظهار (١/ ٦٦٥).
ومضمون القصة أنه وقع على امرأته بعد أن ظاهر منها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر. فقال صلى الله عليه وسلم: «أنت بذاك يا سلمة؟» قال سلمة: قلت: أنا بذاك يا رسول الله مرتين، وأنا صابر لأمر الله فاحكم فيّ ما أراك الله، قال: «حرّر رقبة» قلت: والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة رقبتي، قال:
«فصم شهرين متتابعين» قال: وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام؟ قال: «فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا» قلت: والذي بعثك بالحق بتنا وحشين ما لنا طعام قال: «فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك، فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها».
قال الحافظ‍ ابن كثير - بعد أن ذكر سبب نزول آيات الظهار، وأنها نزلت في أوس بن الصامت وزوجه -:
هذا هو الصحيح في سبب نزول صدر هذه السورة فأما حديث سلمة بن صخر فليس فيه أنه كان سبب النزول، ولكن أمر بما أنزل الله في هذه السورة من العتق أو الصيام، أو الإطعام. اهـ‍ (٨/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>