للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول مروي عن علي بن الحسين زين العابدين (١). والسّديّ (٢).

وهذه القاعدة التي نحن بصدد التمثيل لها تصحح القول الثاني وترد القول الأول.

ووجه ذلك أن في الآية قرينة تدل على صحة القول الثاني وهي أن الله - تعالى - عاتب النبي صلّى الله عليه وسلّم لإخفائه في نفسه ما الله مبديه، والذي أبداه الله هو زواجه من زينب، ولم يبد حبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم وشغفه بزينب، وذلك قوله بعدها: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} [الأحزاب: ٣٧]. فهذه قرينة واضحة الدلالة على صحة ما قاله المحققون، ومبطلة لما ادعي من حبه صلّى الله عليه وسلّم لها، وقد رجح ما رجحته القاعدة جماعة من أئمة المفسرين وأهل التحقيق.

قال الإمام البغوي بعد أن ذكر قول علي بن الحسين السابق:

وهذا هو الأولى والأليق بحال الأنبياء، وهو مطابق للتلاوة؛ لأن الله علم أنه يبدي ويظهر ما أخفاه ولم يظهر غير تزويجها منه فقال: {زَوَّجْناكَها} فلو كان الذي أضمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم محبتها أو إرادة طلاقها لكان يظهر ذلك، لأنه لا يجوز أن يخبر أنه يظهره ثم يكتمه فلا يظهره، فدل على أنه إنما عوتب على إخفاء ما أعلمه الله أنها ستكون زوجة له. اهـ‍ (٣).


(١) هو: ابن أمير المؤمنين علي بي أبي طالب الهاشمي، حدّث عن أبيه، وعن جده مرسلا، كان عابدا زاهدا، قال لأهل العراق: يا أهل العراق أحبونا حب الإسلام ولا تحبونا حب الأصنام … مات سنة أربع وتسعين وقيل غير ذلك. سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٨٦).
(٢) هو: إسماعيل بن عبد الرحمن بن كريمة، الإمام المفسر، أبو محمد، أحد موالي قريش، صاحب التفسير، حدّث عن أنس وابن عباس، وغيرهما مات سنة سبع وعشرين ومائة. انظر سير أعلام النبلاء (٥/ ٢٦٤)، وطبقات المفسرين (١/ ١١٠).
انظر الروايات في جامع البيان (١٢/ ١٣) ومعالم التنزيل (٦/ ٣٥٤) وما بعدها، وذكرها الحافظ‍ ابن حجر في الفتح (٨/ ٣٨٤) وعزاها إلى ابن أبى حاتم، وقال: وتفسير السدي أوضح سياقا وأصح إسنادا -[يعني أصح اسنادا من رواية زين العابدين]- ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها. اهـ‍ يقصد الآثار عن قتادة وعبد الرحمن بن زيد.
(٣) معالم التنزيل (٦/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>