للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام الله بأمور مشكوك في صدقها وكذبها؛ فلربما حملت الآية عليها فكانت كذبا فيكون قد فسر كلام الله - تعالى - بالكذب حقيقة، أو يكون قد خولف أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم وذلك باعتقادنا صدق هذه الإسرائيليات، وأيّ تصديق لها أعظم من جعلها بيانا لمراد الله - تعالى - فيما أبهمه عن خلقه.

وكلا الأمرين باطل، فالقرآن حق ولا يحمل إلا على حق، واعتقادنا في الإسرائيليات المسكوت عنها التوقف. فتعين صحة عدم تفسيرآيات القرآن بهذه الإسرائيليات.

قال العلاّمة عبد الرحمن السعدي: واعلم أن كثيرا من المفسرين - رحمهم الله - قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية، وجعلوها تفسيرا لكتاب الله، محتجين بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»، والذي أرى أنه، وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه، تكون مفردة غير مقرونة، ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وذلك أن مرتبتها كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم».

فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه.

فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة، التي يغلب على الظن كذبها، أو كذب أكثرها، معاني لكتاب الله، مقطوعا بها، ولا يستريب بهذا أحد. ولكن بسبب الغفلة عن هذا، حصل ما حصل. والله الموافق. اهـ‍ (١).

وقال العلاّمة أحمد شاكر (٢): إن إباحة التحدّث عنهم فيما ليس عندنا دليل على


(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (١/ ٩٨).
(٢) هو: أحمد بن محمد شاكر من آل أبي علياء، إمام من أئمة الحديث في هذا القرن، تولى القضاء في مصر أكثر من ثلاثين سنة، له تحقيقات كثيرة من أشهرها مسند الإمام أحمد - لم يتمه -، وتفسير الطبري - كذلك لم يتمه - توفي سنة سبع وسبعين وثلثمائة وألف. عن ترجمة شقيقه محمود شاكر في مقدمة كتاب «حكم الجاهلية» له.

<<  <  ج: ص:  >  >>