للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسرائيل ولا حرج» فيما قد يجوّزه العقل، فأما ما تحيله العقول، ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل. اهـ‍ (١).

والقسم الرابع: وهو ما كان من المسكوت عنه، ولا تحيله العقول السليمة، ولا يغلب على الظنون كذبه، فيجب في مثل هذا التوقف فلا يحكم عليه بصدق أو كذب، وعلى هذا القسم ينزّل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا .. » (٢).

قال الحافظ‍ ابن حجر: أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا لئلا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم، فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي - رحمه الله - اهـ‍ (٣).

وقال الحافظ‍ ابن كثير في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»:

هذا محمول على الإسرائيليات المسكوت عنها عندنا، فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للاعتبار. اهـ‍ (٤).

وهذا القسم أكثر الأقسام ذكرا في كتب التفسير، وغالبه في تحديد مبهمات لا فائدة للأمة في تحديدها، كأسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، ومكان الكهف، وكم عدد الدراهم التي اشتري بها يوسف - عليه السلام - أمّا ما تحتاجه الأمة فقد بينه لنا رسولنا صلّى الله عليه وسلّم، وشرحه، وأوضحه، عرفه من عرفه، وجهله من جهله (٥).

فإذا كان حكم هذا النوع هو التوقف في التصديق والتكذيب؛ فلا يصح تفسير


(١) تفسير القرآن العظيم (٧/ ٣٧٣).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، سورة البقرة باب: قُولُوا آمَنّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا [البقرة: ١٣٦] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - انظر الصحيح مع الفتح (٨/ ٢٠).
(٣) فتح الباري (٨/ ٢٠).
(٤) البداية والنهاية (١/ ٥).
(٥) انظر البداية والنهاية (١/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>