للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِنْهُ حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} (٥٥) [الحج: ٥٥] بعد أن ذكر الخلاف بين أهل التأويل في «اليوم» أيّ يوم هو؟ فقال بعضهم يوم القيامة، وقال آخرون: يوم بدر.

قال - معقبا - على القول الثاني -:

وهذا القول الثاني أولى بتأويل الآية؛ لأنه لا وجه لأن يقال: لا يزالون في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة، أو تأتيهم الساعة؛ وذلك أن الساعة هي يوم القيامة، فإن كان اليوم العقيم أيضا هو يوم القيامة، فإنما معناه ما قلنا من تكرير ذكر الساعة مرتين باختلاف الألفاظ‍، وذلك ما لا معنى له، فإذا كان ذلك كذلك، فأولى التأويلين به أصحهما معنى، وأشبههما بالمعروف في الخطاب، وهو ما ذكرناه في معناه اهـ‍ (١).

٢ - ومنهم أبو محمد مكي بن أبي طالب: قال - مقررا مضمون هذه القاعدة: وحمل اللفظين على فائدتين، ومعنيين أولى من حملهما على التكرار بمعنى واحد اهـ‍ (٢).

٣ - ومنهم أبو بكر بن العربي: قال - مقررا هذه القاعدة: إذا أمكن حمل اللفظ‍ على فائدة مجدّدة لم يحمل على التكرار في كلام الناس، فكيف كلام العليم الحكيم؟ اه‍ (٣).

٤ - ومنهم العلاّمة ابن القيم: ففي معرض تفسيره لقول الله تعالى: {كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} (٤) [التكاثر: ٣ - ٤] قال: قيل: تأكيد لحصول العلم كقوله تعالى: {كَلاّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ} (٥) [النبأ: ٤ - ٥]، وقيل:

ليس تأكيدا، بل العلم الأول عند المعاينة ونزول الموت، والعلم الثاني في القبر

ويدل على صحة هذا القول عدة أوجه:


(١) جامع البيان (١٧/ ١٩٣)، وانظر نحو هذا الترجيح بهذه القاعدة فيه (٧/ ٣٦).
(٢) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص ٢١٩.
(٣) أحكام القرآن (١/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>