للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ومن أمثلة هذه القاعدة - أيضا - ما جاء في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} (٧١) [الإسراء: ٧١].

اختلف المفسرون في معنى الإمام في قوله: {بِإِمامِهِمْ}.

فقال بعضهم: هو نبيهم، ومن كان يقتدى به في الدنيا ويؤتم به.

ويروى هذا القول عن أنس، ومجاهد، وقتادة، وغيرهم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك أن يدعوهم بكتب أعمالهم التي عملوها في الدنيا، وبهذا القول قال ابن عباس والحسن والضحاك.

وقال آخرون: بل معناه: يوم ندعو كل أناس بكتابهم الذي أنزل على نبيهم، من التشريع، وبه قال ابن زيد ومجاهد (١).

وقال بعضهم: إن معنى «إمام» جمع «أمّ» وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم، ويحكى هذا القول عن محمد بن كعب القرظي (٢).

وهذه القاعدة تردّ القول الأخير؛ وذلك لأن «أمّ» لا تجمع على «إمام»، وإنما تجمع على أمهات.

قال الزمخشري: ومن بدع التفاسير أن الإمام جمع «أمّ» وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم، وأن الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الأباء رعاية حق عيسى - عليه السّلام - وإظهار شرف الحسن والحسين، وأن لا يفتضح أولاد الزنى، وليت شعري أيهما أبدع أصحة لفظه أم بهاء حكمته؟ اه‍ (٣) وفي الإتقان قال: وهذا غلط‍ أوجبه جهله بالتصريف فإن «أمّا» لا يجمع على «إمام». اه‍ (٤).

وقال السمين الحلبي - معلقا على كلام الزمخشري السابق -: قلت: وهو معذور؛


(١) انظر هذه الأقوال، والروايات في جامع البيان (١٥/ ١٢٦ - ١٢٧)، والدر المنثور (٥/ ٣١٦).
(٢) انظر معالم التنزيل (٥/ ١١٠).
(٣) الكشاف (٢/ ٤٥٩).
(٤) الإتقان (٤/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>