للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرون: هم الذين يصلون بين المغرب والعشاء.

وقال آخرون: هم الذين يصلون الضّحى.

وقال آخرون: «الأوّاب» هو الراجع من ذنبه، والتائب منه. وقيل غير ذلك (١).

وأولى الأقوال بتفسير الآية القول الأخير؛ لأن اشتقاق كلمة «أوّاب» يدل عليه، «يقال قد آب يؤوب أوّبا إذا رجع» (٢).

قال الإمام الطبري - مرجحا بين هذه الأقوال -: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: الأوّاب: هو التائب من الذنب، الراجع من معصية الله إلى طاعته، ومما يكرهه إلى ما يرضاه؛ لأن الأوّاب إنما هو «فعّال» من قول القائل: آب فلان من كذا إما من سفره إلى منزلة، أو من حال إلى حال، كما قال عبيد بن الأبرص:

وكلّ ذي غيبة يؤوب … وغائب الموت لا يؤوب (٣)

فهو يئوب أوبا، وهو رجل آئب من سفره، وأوّاب من ذنوبه اهـ‍ (٤).

وقال الحافظ‍ ابن كثير - معلقا على اختيار الطبري -: وهذا الذي قاله هو الصواب، لأن الأوّاب مشتق من الأوب، وهو الرجوع، يقال: آب فلان إذا رجع، قال الله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ} (٢٥) [الغاشية: ٢٥]، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رجع من سفر قال: «آيبون تائبون عابدون، لربّنا حامدون» (٥) اه‍ (٦).


(١) انظر جامع البيان (١٥/ ٦٨ - ٧٠)، وزاد المسير (٥/ ٢٦).
(٢) انظر معاني القرآن للزجاج (٣/ ٢٣٥).
(٣) عبيد بن الأبرص شاعر جاهلي، والبيت في ديوانه ص ٢٦، من قصيده مطلعها:
أقفر من أهله ملحوب فالقطبيّات فالذّنوب
(٤) جامع البيان (١٥/ ٧١).
(٥) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر، البخاري، كتاب العمرة، باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو؟ انظر الصحيح مع الفتح (٣/ ٧٢٤)، ومسلم كتاب الحج، حديث رقم (٤٢٨، ٤٢٩).
(٦) تفسير القرآن العظيم (٥/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>