للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مردود لمخالفته للدلائل الصريحة عليها.

١ - كقوله تعالى: {* وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ} (١٢٤) [البقرة: ١٢٤].

قال السدي: العهد: النبوة وقال مجاهد: الإمامة (١)؛ أي: الإمامة في الدين خاصة (٢).

قال الرازي: والغاية تدل على عصمة الأنبياء من وجهين:

الأول: أنه قد ثبت أن المراد من هذا العهد الإمامة، ولا شك أن كل نبي إمام، فإن الإمام هو الذي يؤتم به، والنبي أولى الناس، وإذا دلت الآية على أن الإمام لا يكون فاسقا، فبأن تدل على أن الرسول لا يجوز أن يكون فاسقا فاعلا للذنب والمعصية أولى.

الثاني: قال: {لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ} (١٢٤) فهذا العهد إن كان هو النبوة؛ وجب أن تكون لا ينالها أحد من الظالمين وإن كان هو الإمامة؛ فكذلك لأن كل نبي لا بد وأن يكون إماما يؤتم به، وكل فاسق ظالم لنفسه؛ فوجب أن لا تحصل النبوة لأحد من الفاسقين والله أعلم. اهـ‍ (٣).

٢ - وقوله تعالى مخبرا عن اصطفائه لهم: {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ} [الحج: ٧٥]، وقوله: {* إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ} (٣٣) [آل عمران: ٣٣]، وقال - تعالى - عن إبراهيم - عليه السلام -: {وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا} [البقرة: ١٣٠]، وقال في موسى - عليه السلام -: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي} [الأعراف: ١٤٤] ونحوها من الآيات. فلا يفسر القرآن ويحمل على أوجه تنافي هذا الاصطفاء وهذه الخيرية وله في غيرها محمل صحيح.


(١) المحرر الوجيز (١/ ٣٥٠).
(٢) محاسن التأويل (٢/ ٢٤٦).
(٣) مفاتح الغيب (٤/ ٤٧ - ٤٨)، وانظر عصمة الأنبياء له ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>