للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبق بيانها وهي قاعدة «القول بالاستقلال مقدم على القول بالإضمار» غير أن هذه القاعدة تعلقها في التقدير بمفسر الضمير، والتقدير خلاف الأصل؛ لذا كان إعادة الضمير إلى مذكور أولى من إعادته إلى مقدر.

فمن هؤلاء الأئمة الذين اعتمدوا هذه القاعدة في الترجيح:

١ - الإمام الطبري: قال - في معرض ترجيحه في أحد أمثلة هذه القاعدة -:

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول قتادة ومجاهد، وذلك أن قوله:

{وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ} [الإسراء: ٧٦] في سياق خبر الله عز وجل عن قريش وذكره إياهم ولم يجر لليهود قبل ذلك ذكر، فيوجه قوله: {وَإِنْ كادُوا} إلى أنه خبر عنهم، فهو بأن يكون خبرا عمن جرى له ذكر أولى من غيره. اه‍ (١).

٢ - ومنهم جار الله الزمخشري: قال - في معرض ترجيحه في أحد أمثلة هذه القاعدة -: والإضمار ضرب من التعسف، وترك الظاهر الذي يدعوه المعنى إلى نفسه، إلى الباطن الذي يجفو عنه، ترك للحق الأبلج إلى الباطل اللجلج. اه‍ (٢).

٣ - ومنهم أبو بكر ابن العربي: فقد حرر هذه القاعدة في معرض رده لقول مجاهد وغيره في تفسير قوله تعالى: {فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ} [النحل: ٦٩] قالوا: الهاء في «فيه» يعود على القرآن.

قال ابن العربي: وهذا قول بعيد، ما أراه يصح عنهم، ولو صح نقلا لم يصح عقلا، فإن مساق الكلام كله للعسل، ليس للقرآن فيه ذكر، وكيف يرجع ضمير في كلام إلى ما لم يجر له ذكر فيه، وإن كان كله منه، ولكنه إنما يراعي مساق الكلام ومنحى القول. اه‍ (٣).


(١) جامع البيان (١٥/ ١٣٣).
(٢) الكشاف (٣/ ٣١٦).
(٣) أحكام القرآن (٣/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>