للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم نمكنكم فيه من القوة في الأجساد وكثرة في الأموال والأولاد

وهذا القول أولى الأقوال بالصواب، وهو الذي تقرره هذه القاعدة التي نحن بصدد التمثيل لها، لأن التأصيل هو الأصل ولا ينتقل عنه إلا بدليل يجب الرجوع إليه.

ويؤيد هذه القاعدة: فيما رجحته في هذا المثال قاعدة: «القول الذي تؤيده آيات قرآنية مقدم على ما عدم ذلك» فقد جاء معنى هذا القول في آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً} (٧٤) [مريم: ٧٤]، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها}

[الروم: ٩]، وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ} [غافر: ٨٢]، وقوله تعالى:

{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ}

[الأنعام: ٦] الآية، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} [فاطر: ٤٤]، وقوله تعالى: {فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً} [الزخرف: ٨]، وغيرها من الآيات.

وعلى هذا القول اقتصر الفراء (١)، والطبري (٢) - وأسنده إلى ابن عباس، وقتادة -، والبغوي (٣)، وابن كثير (٤)، وغيرهم (٥).

واختاره ورجحه جماعة من أئمة التفسير الأعلام كأبي جعفر النحاس (٦)،


(١) انظر معاني القرآن (٣/ ٥٦).
(٢) انظر جامع البيان (٢٦/ ٢٨).
(٣) انظر معالم التنزيل (٧/ ٢٦٤).
(٤) انظر تفسير القرآن العظيم (٧/ ٢٧١).
(٥) كالبقاعي في نظم الدرر (١٨/ ١٧٢).
(٦) انظر معاني القرآن (٦/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>