للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللام دائما، وليس كذلك لفظ‍ التصديق فإنه يتعدى بنفسه، فإنه يقال للمخبر إذا صدقته: صدقه، ولا يقال: آمنه، وآمن به، بل يقال آمن له.

وجاء تعدي لفظ‍ الإيمان إلى مفعوله باللام في آيات كثيرة منها قوله تعالى:

{* فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ‍} [العنكبوت: ٢٦]، وقوله تعالى: {فَما آمَنَ لِمُوسى إِلاّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} [يونس: ٨٣]، وقوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} (٢١) [الدخان: ٢١]، ونحوها من الآيات.

وهذا من الفروق بين اللفظين في اللغة مما يدل على بطلان دعوى الترادف بينهما.

ومنها: أن لفظ‍ الإيمان ليس مرادفا للفظ‍ التصديق في المعنى، فإن لفظ‍ التصديق يستعمل في كل خبر عن أمر مشاهد أو غائب، أما لفظ‍ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن غائب، ولم يوجد في القرآن والسنة ولغة العرب أنه استعمل في الخبر عن مشاهد، بل كل ما ورد من استعماله فهو في الخبر عن غائب.

وهذا يدل على بطلان دعوى الترادف بينهما.

ومنها: أن لفظ‍ الإيمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب كلفظ‍ التصديق، بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ‍ الكفر، فيقال: لكل مخبر صدقت، أو كذبت، أو صدقناه، أو كذبناه، ولا يقال لكل مخبر آمنا له، أو كذبناه.

والكفر ليس تكذيبا فقط‍ بل هو تكذيب وزيادة، فقد يكون عنادا ومخالفة ومعاداة بلا تكذيب.

فإذا كان كذلك كان لفظ‍ الإيمان ليس هو لفظ‍ التصديق فقط‍، بل فيه موالاة وموافقة وانقياد، فدل هذا على عدم ترادف اللفظين.

فإذا تقرر هذا، وانتفى الترادف بين لفظ‍ الإيمان ولفظ‍ التصديق، بطلت دعوى أن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان. والأدلة على دخول الأفعال في مسمى الإيمان كثيرة أذكر منها حديث وفد عبد القيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «آمركم بأربع:

الإيمان بالله، وهل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة،

<<  <  ج: ص:  >  >>