كلامه المذكور إن العلماء قالوا: إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر، قول باطل لا يشك في بطلانه من عنده أدنى معرفة. ومن هم العلماء الذين قالوا إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر؟ سموهم لنا، وبيّنوا لنا من هم؟
والحق الذي لا شك فيه أن هذا القول لا يقوله عالم، ولا متعلم … وقد أجمع جميع المسلمين على أن العمل بالظاهر واجب حتى يرد دليل شرعي صارف عنه، إلى المحتمل المرجوح، وعلى هذا كل من تكلم في الأصول (١). انتهى بلفظه. وقد أطنب الشيخ في الرد عليه، وعلى من نفى الصفات بحجة أن ظاهرها التشبيه، فليراجعه من أراد المزيد.
وقد نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية من قبل على جذور هذا المنهج الذي سلكه الصاوي، وبنى عليه الحكم بأن ظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر. وذلك تأسيسا لمذهبه العقدي المبني على تأويل آيات الصفات. قال شيخ الإسلام: إذا قال القائل: ظاهر النصوص مراد أو ظاهرها ليس بمراد. فإنه يقال: لفظ الظاهر فيه إجمال واشتراك؛ فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين أو ما هو من خصائصهم فلا ريب أن هذا غير مراد؛ ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرها، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفرا وباطلا، والله - سبحانه وتعالى - أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر أو ضلال، والذين يجعلون ظاهرها ذلك يغلطون من وجهين:
تارة يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ، حتى يجعلوه محتاجا إلى تأويل يخالف الظاهر، ولا يكون كذلك.
وتارة يردون المعنى الحق الذي هو ظاهر اللفظ، لاعتقادهم أنه باطل. اهـ (١).
***
(١) أضواء البيان (٧/ ٤٤٠ - ٤٤٣)، وقد ردّ عليه الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي، في كتابه «تنزيه السنة والقرآن عن أن يكونا من أصول الضلال والكفران».