للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدفع إليه إن أونس منه الرشد، وذلك في قوله تعالى: {حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} [النساء: ٣] (١).

ب - مثال ما صرفت فيه الآية عن ظاهرها بدليل من السنة:

قوله تعالى بعد ذكر المحرمات: {وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ} [النساء: ٢٤]. أخبر - تعالى - أنه أحل ما سوى من ذكر في الآيتين السابقتين وظاهره العموم، ويدخل تحت هذا العموم الذي أفاده ظاهرالآية جواز نكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها والجمع بينهما؛ ولكن النبي صلّى الله عليه وسلّم بيّن أن الظاهر المتبادر من هذه الآية غير مراد في نكاح امرأة على عمتها وعلى خالتها بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها» (٢).

وقال ابن عطية: وقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] الآية حكم حرم الله به سبعا من النسب وستا من بين رضاع وصهر، وألحقت السنة المأثورة سابعة وذلك الجمع بين المرأة وعمتها ومضى عليه الإجماع. اهـ‍ (٣) وعلى هذا تجري كل عمومات القرآن التي صح تخصيصها فظاهرها خارج عن الاعتبار فيما دل عليه الخاص.

والآيات التي صح نسخها فإن ظاهرها قبل النسخ كان هو المراد فلما نسخت تحول إلى النص الناسخ لها. وأصبح بعد النسخ ظاهرها غير داخل في التكليف، وكذا تقييد المطلق، فإن المطلق متروك الظاهر مع مقيّده، فلا إعمال له في إطلاقه، بل المعمل هو المقيد (٤).


(١) أضواء البيان (١/ ٧٥).
(٢) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة، في كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها، حديث رقم (٥١٠٩) انظر الصحيح مع الفتح (٩/ ٦٤). وأخرجه من حديثه - أيضا - مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، حديث رقم (٣٣).
(٣) المحرر الوجيز (٤/ ٦٩).
(٤) انظر الموافقات (٣/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>