للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتمده صاحبه من القياس أو غيره. اهـ‍ (١) وكلامه - رحمه الله - في مخالفة الدليل الظني بحكم أن الأدلة الظنية متفاوتة ويدخل فيها خبر الآحاد، والقياس وغيره.

فإذا كان الدليل الظني خبر الآحاد فلا سبيل لمخالفته بعد صحته وثبوته وقول المخالف مردود ما لم يستند قوله إلى خبر آخر.

قال الإمام ابن عبد البر: كل قول تعارضه السنة أو تدفعه، ولا دليل عليه من مثلها، لا وجه له. اهـ‍ (٢) وهذا لا يكون إلا في السنة النبوية.

وأمّا إذا كانت مخالفة الآية أو الحديث في دلالة ظنية فالأمر يختلف، وهو موضع اجتهاد. والقرائن هي التي ترجح أحد الأقوال.

قولي: «فهو ردّ» أي مردود، من إطلاق المصدر على اسم المفعول، كقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ» (٣) أي مردود. فردّ الأقوال الآنفة الوصف، يرجح بالمقابل قولا أو أقوالا أخرى في الآية (٤).

قال الإمام الشاطبي: فإذا كان بيّنا ظاهرا أن قول القائل مخالف للقرآن أو للسنة لم يصح الاعتداد به ولا البناء عليه … ولا يصح اعتمادها -[أي زلّة العالم]- خلافا في المسائل الشرعية؛ لأنها لم تصدر في الحقيقة عن اجتهاد ولا هي من مسائل الاجتهاد، وإن حصل من صاحبها اجتهاد فهو لم يصادف فيها محلا، فصارت في نسبتها إلى الشرع كأقوال غير المجتهد. وإنما يعد في الخلاف الأقوال الصادرة عن أدلة معتبرة في الشريعة، كانت مما يقوى أو يضعف. وأما إذا صدرت عن مجرد خفاء الدليل أو عدم مصادفته فلا؛ فلذلك قيل إنه لا تصح أن يعتد بها في الخلاف، كما لم يعتد السلف الصالح بالخلاف في مسألة ربا الفضل، والمتعة، ومحاشي النساء،


(١) الموافقات (٤/ ١٧٣).
(٢) التمهيد (٤/ ١٤٤).
(٣) سيأتي ذكر هذا الحديث وتخريجه في أدلة هذه القاعدة.
(٤) انظر مثلا استعمال الإمام الطبري لهذه الطريقة في الترجيح في جامع البيان (١٦/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>