للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترجيح فيه؟!

فالجواب عن ذلك من وجهين:

أحدهما: أن العلماء - رحمهم الله - قد نقلوا الإجماع في مسائل كثيرة، وكذا نقلوا لنا الخلاف في بعضها.

وفعلهم هذا لا يخلو من أمرين:

إمّا أنهم لم يعتدوا بهذا الخلاف، ولم يعتبروه ناقضا للإجماع لأن مستند الإجماع النص، ومن خالفه خالف النص، فلا عبرة بقوله.

أو أن يكون الإجماع انعقد بعد هذا الخلاف.

وفي الحالتين إذا ذكرت الخلاف، إنما أذكره ليعلم سقوط‍ ذلك القول المخالف؛ لأجل مخالفته لما استقر عليه الإجماع.

والآخر: أني لست بدعا في ذلك، فلقد فعل ذلك الأئمة الأعلام. فتجد أحدهم يناقش خلافا في مسألة ما، ويردّ أحد الأقوال، محتجا على ذلك بالإجماع المنعقد على القول الآخر.

ودونك مثال يوضح صنيعهم هذا - وسيأتي غيره في الأمثلة التطبيقية إن شاء الله تعالى -.

قال الإمام أبو بكر بن العربي في تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥]: فيه قولان:

الأول: من شهد منكم الشّهر، وهو مقيم، ثم سافر لزمه الصوم في بقيته. قاله ابن عباس، وعائشة.

الثاني: من شهد منكم الشهر فليصم منه ما شهد وليفطر ما سافر.

وقد سقط‍ القول الأول بالإجماع من المسلمين كلّهم على الثاني، وكيف يصح أن يقول ربّنا - سبحانه -: «فمن شهد منكم الشهر فليصم منه ما لم يشهد»،

<<  <  ج: ص:  >  >>