للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (٥٥) [الأنعام: ٥٥] وقوله تعالى: {قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (٩٧) [الأنعام: ٩٧] وقوله تعالى:

{وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ} [الأعراف: ٥٢] وقوله تعالى: {كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (١) [هود: ١]، ونحوها من الآيات التي أخبر الله - تعالى - فيها عن تفصيل آيات كتابه، والتفصيل هو الإيضاح والبيان، مشتق من الفصل بمعنى التفريق بين الشيء وغيره بما يميزه (١).

وتفصيل الآيات تبيّنها وشرحها وإيضاح معانيها (٢)، سواء كان هذا البيان والإيضاح من أول خطابه، فتكون معاني الآيات واضحة بينة ابتداء. أو كان هذا الإيضاح والبيان من آياته الأخرى؛ بأن أوضح بعضه بعضا، - وهذا هو مضمون هذه القاعدة - أو كان الإيضاح والبيان من النبي صلّى الله عليه وسلّم - وسيأتي إن شاء الله.

٢ - ولهذه القاعدة أصل في التفسير النبوي: فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد استعملها في تفسيره لبعض الآيات؛ ففسر القرآن بالقرآن، وصحح فهم الصحابة لآيات بمقتضى هذه القاعدة. كالذي جاء في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لمانزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] شق ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه؟ قال: «ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: {يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (١٣) [لقمان: ١٣]» (٣).

فهذا الحديث وأمثاله أصل في تفسير القرآن بالقرآن، وأن الفهم إذا وافق القرآن فهو أولى من غيره، كما صحح النبي صلّى الله عليه وسلّم فهم الصحابة بآية لقمان. ثم جاء الصحابة ومن بعدهم وطبقوا ذلك في تفسيرهم، ففسروا القرآن بالقرآن ما وجدوا إلى ذلك


(١) انظر التحرير والتنوير (١١/ ٣١٥).
(٢) انظر المحرر الوجيز (٦/ ٦١) والجامع لأحكام القرآن (٦/ ٤٣٦).
(٣) متفق عليه، وقد سبق تخريجه ص ١٩٥ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>