للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ}

[الحشر: ١٠]، وفي الأنفال {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: ٧٥] … إلى آخرالآية (١).

فكان اختلاف القراءة سبب الحادثة، ولكن عمر - رضي الله عنه - أبان عن فهمه من قراءته، فأثبت أبيّ - رضي الله عنه - صحة القراءة (٢)، ثم تحول ليثبت عدم صحة المعنى الذي كان يفهمه عمر - رضي الله عنه - من الآية، فاحتج عليه بهذه الآيات التي تلاها من سورة الجمعة، والحشر، والأنفال، مما يدل على اعتمادهم لمضمون هذه القاعدة في الترجيح بين الأقوال.

٢ - وفي استنباط‍ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أقل مدة الحمل من قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} [الأحقاف: ١٥] ومن قوله: {* وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣]، واعتراضه بذلك على حكم عثمان ابن عفان - رضي الله عنه - بالرجم على المرأة التي ولدت لستة أشهر، ونزول عثمان على رأيه (٣) لأكبر دليل على اعتمادهم لما تقرر هذه القاعدة. وأمثال ذلك كثير سيأتي بعضه في الأمثلة على القاعدة.

٣ - ومنهم الطبري: قال - في معرض ترجيحه لأحد الأقوال في تفسير {واصِبٌ} (٩) من قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ} (٩) [الصافات: ٩]-: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من قال: معناه: دائم خالص، وذلك أن الله تعالى قال:

{وَلَهُ الدِّينُ واصِباً} [النحل: ٥٢] فمعلوم أنه لم يصفه بالإيلام والإيقاع وإنما وصفه


(١) جامع البيان (١١/ ٨).
(٢) ومراد أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - أن هذه الآيات التي استدل بها تدل على أن التابعين غير الأنصار، وأن الأنصار من السابقين الأولين. وكان فهم عمر - رضي الله عنه - للآية على حسب ما كان يقرأ من رفع الأنصار وإسقاط‍ الواو في وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ أي: اختصاص السبق بالمهاجرين. والأنصار هم التابعون بإحسان. انظر المحرر الوجيز (٨/ ٢٦٠) وروح المعاني (١١/ ٨).
(٣) انظر تفسير ابن كثير (٧/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>