للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفقت الأمة على أن الأنبياء معصومون فيما يخبرون به عن الله (١) ويستحيل عليهم الكذب، والكتمان، والخطأ، والسهو، والإغفال، والتورية، والألغاز فيما طريقه البلاغ والأداء عن الله، وقد حرسهم الله من كل سبب يقدح في نبوتهم ودلالة معجزاتهم وما خصهم الله به من شرف المنزلة وعلو القدر (٢). وحكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على عصمتهم من الكبائر ومما يجري بمناصبهم كرذائل الأخلاق والدناءات وسائر ما ينفر عنهم، وهي التي يقال لها صغائر الخسة (٣).

ثم اختلفوا في الصغائر التي تزري بمنصب النبوة. واختلفوا في العصمة هل هي في الفعل أو في الإقرار؟ وهل قبل البعثة عصمة؟

ثم من قالوا بجواز وقوع شيء منهم بعد النبوة، أجمعوا على أنه لا يقر عليه البتة (٤). وأما قبل النبوة، فالحق أنهم معصومون من الكفر والإشراك بالله، وقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على ذلك (٥).

وروي عن الإمام أحمد أنه قال: من قال إنه كان صلّى الله عليه وسلّم على دين قومه فهو قول سوء. اهـ‍ (٦).

ومستند هذا الباب النقل، ولم يرد في الكتاب والسنة والإجماع ما يخبر أن من الأنبياء أحدا بعث واصطفي وكان معروفا بالكفر أو الشرك قبل ذلك.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٠/ ٢٨٩ - ٢٩٠). وانظر الإحكام للآمدي (١/ ٢٢٤)، وشرح الكوكب المنير (٢/ ١٦٩).
(٢) رسالة في تفسيرآيات أخطأ فيها كثير من المفسرين لابن تيمية مخطوطة لوحة (٥ /ب)، وانظر مفاتيح الغيب (٣/ ٧)، والبحر المحيط‍ لأبي حيان (١/ ٢٦١)، وانظر البحر المحيط‍ للزركشي (٤/ ١٦٩).
(٣) البرهان في أصول الفقه (١/ ٣١٩) والإحكام للآمدي (١/ ٢٢٥) وشرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٤٧٩)، والبحر المحيط‍ للزركشي (٤/ ١٧٠ - ١٧١)، وشرح الكوكب المنير (٢/ ١٧٢)، والمحرر الوجيز (٥/ ٨٨)، و (١/ ٣٦١)، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني (٢/ ٣٠٣).
(٤) انظر المسودة ص ١٩٠، وشرح الكوكب (٢/ ١٧٢)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (١٠/ ٢٩٣).
(٥) انظر مفاتيح الغيب (١٠/ ٢٩٣)، والإتقان (١/ ٢٥٢).
(٦) رسالة في تفسيرآيات أخطأ في تفسيرها كثير من المفسرين، لابن تيمية مخطوط‍ لوحة (٦ /أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>